رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

22 ديسمبر 2009

عابس بن شبيب ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

ها هو فجر عاشوراء الأحمر يطل من جديد ..ليعيد ذكرى الإباء و رفض الظلم . الليلة السادسة من المحرم ، ليلة لذكر أصحاب الإمام الحسين عليه السلام .. و منهم سيد العاشقين عابس بن شبيب الشاكري..ذلك الهمام الذي دخل ساحة القتال عاري الصدر و بلا سلاح .. مالذي كان يريده عابس من هذا الموقف؟ و هل جن فعلا ليقوم بهذا التصرف ؟ حاشاه .. كان قد قرر أن يقيم الحجة على الجيش الجرار الذي اجتمع ليقتل الحسين و أطفاله ...كان يريد أن يقول لهم .. أنتم قد حشدتم كل قواكم للقتال من أجل هدف دنيوي .. و أنا من أجل هدفي الأخروي سأقاتل عاريا بلا سلاح ..
ماذا يمكن أن نقول ..و متى سنفهم حقيقة عاشوراء ؟ متى نعي كنهها و مقامها و دروسها الرفيعة ؟
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين و على اصحاب الحسين جميعا و رحمة الله و بركاته .
سيدة التنبيب

02 ديسمبر 2009

و من يجرؤ على التغيير ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

عنوان تدوينة اليوم .. هو نفس شعار الحملة الانتخابية لقائمة الوسط الديمقراطي - التي لم أكن يوما من مؤيديها- في إحدى سنوات دراستي الجامعية في تسعينيات القرن الماضي. كان هدف الحملة الانتخابية أيامها هو محاولة تغيير إدارة اتحاد الطلبة التي كانت و مازالت و ربما للأزل ائتلافية السيطرة. لكن ما أعاد هذا الشعار إلى ذهني هو عدد من( الزوابع ) التي شغلتني في الفترة الأخيرة حتى عن التدوين و متابعة المدونات .. هي زوابع في زوبعة أو زوبعة في زوابع لا أدري أيهما أقرب للصحة .مشاكل في المنزل مع أفراد العائلة خاصة المراهقين منهم حول نمط حياتهم الاستهلاكي غيرالمنتج أو الهادف ..مشاكل في العمل حول طريقة مواجهة التحديات و إدارة الأزمات المستمرة .. كل هذا وسط (تكهرب) الوضع السياسي العام .. لم أكن يوما من المتابعين السياسيين الدائمين .. ربما اهتمامي السياسي لا يتعدى قراءة موقع ميزان و تدوينات الأخوة الأعزاء الحلم الجميل و صندوق حمد و عاشق وطن و بيت القرين .. لكنني في الفترة الأخيرة بدأت أشعر بحجم المتاهه التي نعيشها .. أين بدايتها و أين نهايتها ؟ هل نحن في هرم كبير مقلوب ( كما كان يقول المرحوم د. أحمد الربعي ) نعيش بداخله و لكل منا هرمه الصغير المقلوب أيضا ؟ من يجب أن يبدأ الإصلاح .. من الأسفل أم من الأعلى ؟ أم هو كما يقول عنوان إحدى المسرحيات المحلية .. خاربة خاربة ؟
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

27 نوفمبر 2009

عيدكم مبارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

كل عام و أنتم بألف خير و صحة و سلامة .. و الله يحفظ حجاجنا و حجاجكم و يرجع الجميع لديارهم سالمين ..

دمتم بألف خير..
سيدة التنبيب

01 نوفمبر 2009

إنه الغد .. يا كويت

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

هو اليوم الأول من إجازتي .. لكنني صحوت مبكرة حيث لم أعتد يوما الاستمرار في النوم صباحا حتى أيام الإجازات. و من نافذة غرفتي التي تطل على مدرسة ابتدائية للبنات .. شاهدت ما دفعني للكتابة اليوم بعد انقطاع قارب الشهر عن التدوين و متابعة المدونات . عائلة مكونة من أم و أبنائها الثلاثة يتجهون سيرا على الأقدام نحو المدرسة .. طفلتان ترتديان ملابس المدرسة و كل منهما تحمل حقيبتها على ظهرها .. تسيران ( أو تجريان على وجه الدقة ) نحو بوابة المدرسة .. بينما شقيقهما الأصغر يحاول اللحاق بهما جريا دون أن يستطيع .. و في مؤخرة الركب تسير الأم التي يتقدمها بطنها ربما في أشهر حملها الأخيرة مرتدية عباءتها السوداء.لطالما كنت أتأمل طلبة المدارس .. و أعتبرهم صورة للمستقبل .. ببراءتهم و حماسهم ، أخالهم صاروا كبارا و كل في موقع مسئولية .الابن الصغير يقع أرضا بعد عدم قدرته على مواصلة الركض .. تجد الأم خطاها لتصل إليه .. و لكن تسبقها الابنة الكبرى التي تسلم حقيبتها لأختها و تعود أدراجها جريا لتساعد أخاها على النهوض . عائلة كويتية بسيطة جدا .. قد استقبلت يومها بنشاط و فضلت المسير نحو المدرسة على استخدام السيارة . هل يدور في خلد أي منهم شيء .. حول انفلونزا الخنازير ..و اكتتاب بنك وربة ..و فتوى الحجاب ..و الرقابة على معرض الكتاب .. و مشاكل المجلس مع الحكومة .. و هل يتأثر أي منهم بمسألة الإطاحة برئيس الوزراء؟ بمسألة التنمية ( العطلانة ) .. و انحدار مخرجات التعليم و الصحة .. و .. و .. الخ من مشاكلنا و مآسي بلدنا ؟ إنه المستقبل .. إنه الغد .. فمن له يا كويت ؟
سيدة التنبيب

02 أكتوبر 2009

ماذا تعني استقالة الحكومة ؟

رابطة حقوق الأطفال الكويتية





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..



موضوع سأطرحه بشكل مختصر , لأنني لا أرى فائدة من الشرح و الإسهاب أو ( التحلطم ) .فقط أود أن أوضح مدى تأثير التخبط الحكومي و غياب خطط التنمية و الإصلاح في البلد على أحد الجوانب المهمة في حياتنا. أبلغني أحد الزملاء و هو عضو ناشط جدا في رابطة حقوق الأطفال الكويتية التابعة للجمعية الطبية .. و التي تأسست العام الماضي على ما أعتقد .. أبلغني هذا الزميل بأن هناك لجنة في وزارة الصحة معنية بتوثيق و متابعة حالات العنف ضد الأطفال . و من مهامها السعي لإصدار قانون يحمي الأطفال من أنواع العنف المختلفة الجسدية و النفسية و الجنسية و غيرها. لكن هذه اللجنة موجودة على الورق فقط .. و لم تمارس مهامها منذ إنشائها قبل أكثر من عشر سنوات . السبب في ذلك أنه كلما تغير وزير الصحة .. فإن اللجنة هذه تحل و تعاود الظهور بعد الوزارة الجديدة .. و هذا ما يستغرق شهرين تقريبا .. وما إن تحدد اجتماعا يتم فيه تحديد جدول أعمال و أنشطة .. تستقيل الحكومة و تحل اللجنة على أن تعود مع الوزارة الجديدة. و هكذا دواليك ..









*******************************************************************************










تقيم رابطة حقوق الأطفال الكويتية التابعة للجمعية الطبية .. و التي تضم ما يقارب الأربعين من الأطباء العامين و أطباء الأسنان .. سلسلة محاضرات خلال شهر أكتوبر .. هدفها تثقيف الأطباء و العاملين في المجال الصحي حول العنف ضد الأطفال. الرابطة حديثة التأسيس كما قلت و يبدو أن لها أجندة معينة و تعمل وفق برنامج عمل محدد. حيث ستقتصر هذه المحاضرات على الأطباء و العاملين في المجال الصحي كبداية ، قبل القيام بحملة توعية للمجتمع تتضمن وسائل الإعلام و المدارس و غيرها. المحاضرات ستقام يوم الأربعاء من كل أسبوع في مقر الجمعية الطبية .. الساعة السادسة مساءا ,و قد تم إدراجها في برنامج التعليم الطبي المستمر و ستحصد 8 نقاط من الفئة الأولى . الدعوة مفتوحة لجميع الأطباء و الممرضين و العاملين في المجال الصحي لحضور هذه المحاضرات .



يعطيهم العافية و موفقين إن شاء الله.



سيدة التنبيب




25 سبتمبر 2009

عندما يُضرَب الأطباء ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..







سجلت الصحف قبل أسابيع حادثة ضرب أحد أطباء القلب في مستشفى مبارك من قبل أبناء إحدى المريضات . و سجلت أيضا تفاعلا على المستوى الرسمي تجاه هذه الحادثة ممثلا بوزارة الصحة و الجمعية الطبية التي طالبت - مشكورة- بتفعيل قانون لحصانة الأطباء . و لا يخفى على أحد أن هذه الحادثة ليست الأولى و لن تكون الأخيرة في مستشفياتنا . أنا نفسي شهدت حادثتين في أربع سنوات تتعلقان بمحاولة اعتداء على الأطباء أثناء عملهم من قبل أهالي المرضى .. غير أني في إحدى الحادثتين كنت أود مشاركة أهل المريضة في ضرب الطبيب ! فرغبتي في الحديث عن هذا الموضوع اليوم .. تنبع من زاوية قد تكون مغايرة لما يجب أن تكون عليه نظرة الطبيب في مثل هذه الأمور.









بغض النظر عن ما تنشره الصحف حول الأخطاء الطبية ، و الذي أعتبره منافيا للحقيقة في كثير من التفاصيل - مثل الحادثة الأخيرة لطفل الجهراء و انفجار الزائدة الدودية - و بغض النظر أيضا عن انفعال أهالي المرضى للتعبير عن مشاعرهم نحو مرضاهم ، أعترف أنه قد يكون هناك قصور في العناية الطبية لبعض المرضى .. إلا أن استخدام الضرب و الاعتداء - حتى اللفظي منه- ليس أسلوبا حضاريا و لا دينيا للتعبير عن السخط و عدم الرضا . و هو لا يحل المشكلة بل يتسبب بمشكلة جديدة. قبل سنوات ، حدثني أحد أقاربي حول موقفه من إحدى الطبيبات في قسم الحوادث بمستشفى مبارك أيضا ، و كيف أنه رفع صوته و أهانها في ممر المستشفى أمام الجميع ، بسبب تقصيرها ناحية والدته .. و كيف أنه رمى بطاقته المدنية في وجه محقق المستشفى عندما تقدمت الطبيبة بشكوى ضده! سألته ماسم الطبيبة ، فلم يخبرني بادئ الأمر .. و عندما أصررت قال لم تريدين معرفة اسمها ؟ قلت ربما كنت أعرفها . ثم طلبت تفاصيل أكثر حول الحادثة فثار في وجهي و قال لم أنت مهتمة بذلك ؟ قلت : فقط أريد أن أعرف .. هل ترضى أنت أن يفعل أحد معي ما فعلته أنت معها ؟ عندها أطرق برأسه و صمت قليلا ثم عاد ليقول و قد وصلت رسالتي له : و لكن أنت لست مثلها!








بعض الأطباء يستحقون ما يحدث لهم .. حتى و إن كنا نستنكر هذه التصرفات . ليس دفاعا عن أهل المرضى بل لأنهم فعلا يستحقون ذلك . فمن لا يستطيع احتواء أي موقف و تقدير عواقبه عليه أن يتحمل نتيجة ذلك . و لو أن هناك بعض الاستثناءات..و التي يكون الطبيب فيها فعلا مظلوما. أعرف طبيبا قام ابن مريضة بإشهار مسدس في وجهه و هدده بأنه سيحضر جميع أهله لقتله إن لم تصح أمه من غيبوبتها! اتضح فيما بعد أن ابن المريضة هذا مريض نفسي و قام أخوته بالاعتذار للطبيب. لكن في بعض الأحيان .. أنا نفسي كطبيبة أشعر برغبة في ضرب طبيب ما و لو كانت طبيبة أتمنى أن أقوم بشد شعرها نتيجة بعض التصرفات التي أراها . فهناك من الأطباء - بغض النظر مرة أخرى عن الأخطاء الطبية - من لا يحسن التعامل مع المرضى أو أهلهم . سمعت طبيبا يجيب سيدة كان ابنها ذو العشرة أعوام يرقد في غيبوبة عميقة نتيجة حادث سيارة ، يجيبها قائلا عندما سألت عنه : مشاري ؟ لا تسألين عن مشاري .. مشاري خلاص انسيه ! و ذلك لأن مشاري رحمه الله كان تقريبا ميتا دماغيا و إن لم يعلن ذلك رسميا . جاء عم مشاري بعد فترة يرغب بضرب الطبيب لأنه حدث الأم بهذه الطريقة و تسبب بانهيارها .. و كانت مشاعري مزيج من الغضب و الفرح .. كنت غضبة من موقف الطبيب ، و فرحة لأن عم مشاري ( قاعد يهاوشه ) و قد يضربه .









في كثير من المواقف .. نيأس نحن الأطباء من علاج بعض الحالات المتأخرة التي لا تستجيب لكل أنواع العلاج التي نعرفها . و نكون متوقعين وفاة المريض في أي لحظة . بالنسبة لي عندما يكون أهل المريض حاضرين ذلك .. أقوم بالحديث إليهم و شرح الوضع .. و أحيانا أتظاهر بأني أقوم بأشياء إضافية لعلاج المريض رغم أنه يكون على أقصى أنواع العناية و العلاج. و ذلك فقط لأوحي لأهل المريض أني أقوم بشئ و لست فقط أنتظر موته. بعض الأطباء لا يجد فائدة من هذه التمثيلية .. و ينصرفون تاركين المريض و أهله . و بعضهم يكون فعلا مشغولا و لا يمكنه البقاء مع حالة منتهية أصلا فقط من أجل أهل المريض . هذه هي المواقف التي أشعر أن الطبيب يكون فيها معرضا للاعتداء من قبل أهالي المرضى .و التي يجب أن يحاول الأطباء تفاديها بقدر المستطاع .. فكلمة بسيطة قد تمنع حدوث مشكلة كبيرة.




دمتم جميعا بخير




سيدة التنبيب








19 سبتمبر 2009

إنما المدونون أخوة ..


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ....




في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت بداية انضمامي لعالم المدونين. و قد عادت هذه التجربة علي بفائدة كبيرة جدا . لا يمكن أن أحدد حجم هذه الفائدة لكنني على الأقل عرفت أن كثيرين من بني وطني يشاركونني الأفكار و الآمال .. و أن كثيرين من بينهم أيضا مبدعون و مفكرون و مثقفون . كنت قد فقدت الأمل في في الشباب الكويتي .. لكن المدونات فتحت لي بابا واسعا نحو أبناء وطني على اختلافاتهم الكثيرة في الجنس و العمر والعمل و التخصص و الأصل و الفصل والحالة الاجتماعية و حتى منطقة السكن.
لست بحاجة لتعداد فوائد التدوين و مطالعة المدونات .. فأغلب من يدون يشعر بهذه الفوائد و لذلك يستمر بالتدوين أو المرور على المدونات . لكن ما أود تبيانه من فائدة خاصة بالنسبة لي .. هو أن وضعي كطبيبة يجعل جل اهتمامي ووقتي منصب على العمل و مسؤولياته .. و بالكاد أتمكن من متابعة قضايا المجتمع من خلال الصحف و حتى هذه المتابعة غالبا ما تكون سطحية. أما المدونات فقد أتاحت لي الاحتكاك عن قرب بمختلف الآراء و التوجهات .. كل ذلك و أنا أمام شاشة الكومبيوتر.
في خاتمة المقالة .. أود أن أشكر جميع المدونين و المدونات على تفاعلهم و مشاركاتهم .. كما أود طلب المعذرة و الصفح من المدونين الذين حصلت بعض المشادات بيني و بينهم - خاصة في القضايا الطائفية - على أمل أن نستمر جميعا بالتدوين بروح أخوية يغلفها حب الوطن و العمل من أجله.
دمتم جميعا بخير و عيدكم مبارك مقدما
سيدة التنبيب

08 سبتمبر 2009

الرياح السافيات ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،







الرياح السافيات .. هو عنوان أحد فصول المجلد الرابع من موسوعة " الإمام علي صوت العدالة الإنسانية " للدكتور جورج جرداق .ذلك الطبيب المسيحي و الأديب العربي الذي يعتبر من أعظم من كتب حول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . دأبت منذ سنوات على اعتبار ذكرى استشهاد الإمام علي ( ع ) في رمضان ، مناسبة سنوية أقرأ فيها بعض الفصول من هذه الموسوعة الرائعة .. لكن هذا الفصل بالذات أكرر قراءته سنويا دون أن أمله .



" الإمام علي صوت العدالة الإنسانية " .. موسوعة إنسانية من خمسة مجلدات تحمل العناوين التالية :




1-علي و حقوق الإنسان .



2-علي و الثورة الفرنسية .



3-علي و سقراط.



4- علي و عصره .



5- علي و القومية العربية.


و أسميها موسوعة إنسانية لأن كاتبها استطاع بالفعل أن يتحدث عن الإمام علي ( ع ) كإنسان ..قبل أن يكون إماما مسلما .تحدث عن علي و عن خصومه ببساطة شديدة تشرح و توضح أحداث التاريخ .. أسبابها و نتائجها .كل ذلك في أسلوب أدبي مميز ..ملك أركان اللغة و ألفاظها دون مغالاة أو ابتذال.








الرياح السافيات , فصل يروي وقائع معركة صفين .. و التي وقعت عام 37 للهجرة بين جيش العراق بقيادة الإمام علي ( ع ) ، و جيش الشام تحت إمرة معاوية بن أبي سفيان . صفين هو وادي قريب من نهر الفرات على مقربة من الرقة . أحب أن أنقل من هذا الفصل فقرة تصف أحد المواقف بين الجيشين .. ففي بداية الأمر تمكن جيش الشام من السيطرة على ماء الفرات و منعوا جيش العراق من ورود المياه . فما كان من الإمام علي إلا أن أرسل صاحبه الأشتر النخعي ( رض ) بكتيبة تمكنت من إجلاء جيش الشام عن المياه .





يقول الدكتور جرداق :



" و حاول بعض أصحاب علي إقناعه بأن يعامل معاوية و جيشه كما عاملوه فيمنعهم عن الماء . فأبى الرجل العظيم على أصحابه هذه


المحاولة ، و أتاح لخصومه ورود الماء أسوة بأصحابه . قالوا له : ( امنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك ، و لا تسقهم منه

قطرة ، و اقتلهم بسيوف العطش و خذهم قبضا بالأيدي فلا حاجة لك إلى الحرب ) . فقال : ( لا و الله لا أكافئهم بمثل فعلهم ، أفسحوا

لهم عن الشريعة !) . و لو كان في جيش معاوية قبس من الخلق الكريم لأدركوا ، بهذا الحادث ، حقيقة كل من علي و معاوية ، و
لعرفوا لأية طائفة من الخلق ينتمي كل من الرجلين ، و لوثقوا أنهم بمناصرتهم معاوية على علي إنما يناصرون انتهازيا على نبي ! "




و كانت وقائع صفين كما يروي الكتاب في مئة و عشرة أيام .. تخللتها تسعون وقيعة من المناوشات خلاف المعركة الكبرى ..و التي تعرف بوقعة الهرير ، و بلغ عدد قتلاها من الجانبين مئة و عشرين ألف قتيل . يصف الدكتور جرداق قتال علي و بلاءه الذي نزل على جيش الشام في تلك المعركة قائلا :



" ألا إنه علي بن ابي طالب الذي تتمزق بسيفه الظلمات ، و تنقض على هام عدوه الرعود الصاعقات ، و تذروهم الرياح السافيات ،
فإذا به هول يدفع هولا ، و في عينيه دموع تحولت شرارا ، و في حناياه عطف توقد نارا ! ألا إنه علي بن أبي طالب الذي ما
توامض سيفه في الفضاء و هوى إلا و صاح معذب في الحجاز أو العراق أو أرض الشام يقول : بأبي أنت ، سيف الحق و
منصف المظلوم و المحروم . ألا إنه علي بن أبي طالب الذي تخضر الأرض حيث حطت له قدم ، و يسقط الغيث ! فمن وجهه مياه

النهر ، و من حبه أمواج البحر تعج عجيجا ! "



الواقع .. إنني لم أجد من كتب حول الإمام علي بمثل هذا الإسهاب , فكتابات الدكتور جورج جرداق لا تصنف أدبا فقط .. بل فكرا إنسانيا راقيا طاهرا يهز العقل و الوجدان معا .


لله در قلمك يا عظيم الأدب ..إننا لنخجل أمام كتاباتك ( و أنت المسيحي ) في حق عظيم الإسلام .. نحن من ندعي الإسلام و ندعي حب عظماء الإسلام دون أن نعرفهم حق معرفتهم ، لكن عزاءنا في ذلك أن عظيم الإسلام و ربيب النبوة .. هو من حق البشرية جمعاء ، و ليس حكرا على دين أو طائفة .



دمتم جميعا بخير


سيدة التنبيب




المصدر :

الإمام علي صوت العدالة الإنسانية لجورج جرداق - المجلد الرابع -علي و عصره. طبعة دار مكتبة الحياة ، بيروت 1970

05 سبتمبر 2009

سوالف دكاتره!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..



أود اليوم أن ( أدردش ) قليلا حول عدد من المواضيع المنفصلة في فقرات قصيرة . بداية أرغب بالإشارة إلى أن عددا من الحالات الحرجة المصابة ب H1N1 في عدد من المستشفيات قد ثماثلت للشفاء .. حيث تم رفع ثلاث من المرضى من جهاز التنفس الصناعي - و منهم امرأة حامل في شهرها السابع - و نقلهم من العناية المركزة للأجنحة و الحمدلله . أتمنى الشفاء لباقي المرضى إن شاء الله .


************************************



جراحو العدان ..


زميلة لي تعمل في مستشفى العدان .. تقول أن كل من يعرف أنها في ذلك المستشفى يسألها مباشرة عن قضية الأخطاء الطبية التي أثيرت قبل أشهر. و مالذي حدث في تفاصيل القضية ( و هو نفس السؤال الذي كنا أنوي سؤالها إياه ). تقول أنه تم إنهاء عقد الطبيب الوافد و هو حاليا لا يعمل في المستشفى .. أما الطبيب الكويتي فقد أوقف انتدابه من كلية الطب للعمل في مستشفيات الصحة لمدة سنة و حتى إشعار آخر. و عليه فسيستمر بالتدريس في كلية الطب فقط.


*****************************



سوالف دكاتره ..



عادة لا يكف عنها الأطباء دائما .. و هي الحديث عن المرضى و الأمراض والأدوية حتى أثناء تواجدهم خارج المستشفى . أنا و زميلاتي أيضا لا نستطيع منع أنفسنا عن الحديث الطبي .. حتى عندما نخرج لشرب القهوة و الترفيه عن أنفسنا . رغم محاولاتنا الدائبة لتغيير مجرى الحديث و الكف عن الحديث حول العمل في المستشفى .. إلا أننا غالبا ما نفشل في ذلك . في جلستنا الأخيرة قبل رمضان لتناول الإفطار و شرب القهوة الصباحية أحد أيام السبت ..كنا قد قررنا أن لا نتحدث نهائيا عن الأمراض و الأدوية و أحداث المستشفى ..لكن ذلك طبعا كان من ضرب المستحيل .. حيث سيطرت انفلونزا الخنازير على غالبية التعليقات و ( السوالف ) !
********************************
" اللهم لا تغير شكلي .."
لا أدري هل وردت هذه العبارة في أحد الأدعية المروية عن الإمام علي السجاد عليه السلام .. أم غيره من الأئمة الطاهرين عليهم سلام الله جميعا .لكنها قفزت إلى مخي بعد أن سمعت الحادثة التالية من إحدى زميلاتي ..
تقول أنها كانت مشرفة على علاج إحدى المريضات التي ابتليت بمرض في جهاز المناعة يتسبب بإسقاط متكرر للحمل .. نتيجة تكون جلطات في المشيمة تتسبب بسقوط الجنين . كانت المريضة في الثانية و الثلاثين من عمرها و متزوجة منذ عشر سنوات و لم ترزق بطفل رغم محاولات الحمل العديدة. لكن دخولها المستشفى في الشتاء الماضي لم يكن لمجرد سقوط الحمل .. فقد تسبب المرض بحدوث جلطات كثيرة في أماكن متعددة من جسمها .. أدت في البداية لفقدان البصر .. و تماثلت للشفاء بحمد الله عن طريق أدوية السيولة ..ثم إصابتها بفشل كلوي تطلب غسيلا للدم ( و هي الكلمة العلمية الأصح في مقابل غسيل الكلى ) لفترة طويلة .. عادت بعدها الكلى تعمل أيضا .. و في أثناء ذلك أيضا أصيبت بالتهاب رئوي تطلب تنفسا صناعيا .. و تماثلت بعده للشفاء و الحمدلله . المريضة أمضت ما يقارب الثلاثة أشهر في المستشفى .. لكنها خرجت بعد ذلك للمنزل. تقول زميلتي .. في أول مراجعة للمريضة للعيادة الخارجية بعد خروجها من المستشفى , لم أتمكن من التعرف على المريضة .. ظننت أنها أختها التي كانت مواظبة على زيارتها .. و ذلك بسبب تغير شكلها تماما من المرض إلى الصحة .. لكنني فوجئت بأختها تدخل خلفها إلى العيادة فلم أعد أميز بينهما .. سألت : أيكما فتحية ؟ ( و هو اسم مستعار و ليس اسم المريضة الحقيقي ) . فضحكت المريضة و قالت : أنا هي يا دكتورة .. هل نسيتي الأشهر الثلاثة من المتابعة اليومية ؟ فرددت عليها قائلة : لا .. لكن شكلك قد تغير تماما للأحسن و الحمدلله .
********************
صحيح إن المرض يغير شكل الإنسان كثيرا .. و نحن كأطباء لا نلاحظ هذه النقطة كثيرا .. فغالبية من نراهم يكونون في فترة مرضهم .. و عندما يتماثلون للشفاء و تعود إليهم ( عافيتهم ) .. ينقطع اتصالنا بهم .
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

27 أغسطس 2009

وفيات الانفلونزا..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


بعد أن سجلت البلاد رابع حالة وفاة بسبب انفلونزا الخنازير , التي تعرف طبيا ب H1N1 ، و تزايد المطالبات لوزير الصحة بالاستقالة
و تأجيل العام الدراسي، هل لي أن أتحدث قليلا حول الوضع بشكل عام من خلال خبرتي الطبية المحدودة و نظرا لأني شهدت إحدى حالات الوفاة و كنت من ضمن الفريق الطبي المعالج لها .
إن وباء H1N1 هو وباء عالمي يجتاح حاليا أكثر من سبعين دولة .. و تتفاوت نسب الإصابات و الوفيات من جرائه بين الدول الموبوءة بشكل عام . و بالنسبة لتسببه بالوفاة .. فذلك يكون عندما يصاب المريض بالتهاب رئوي و ليس الانفلونزا العادية . و من المعروف أن أي التهاب رئوي يمكن أن يتسبب بوفاة المريض . فلدينا في المستشفيات تقريبا حالة أو حالتي وفاة أسبوعيا بسبب الالتهاب الرئوي من أي بكتيريا أو فيروس. و لذلك تعتبر منظمة الصحة العالمية أن تسبب هذا المرض بالوفاة يكون مماثلا لأى انفلونزا . و جميع الحالات التي توفيت لدينا حتى الآن كانت تعاني من التهاب رئوي شديد و بقيت أكثر من أسبوعين على جهاز التنفس الصناعي و تلقت كافة أنواع العلاج التي من الممكن أن تساعد في منع الوفاة . و من المعروف أيضا أن هناك بعض الحالات المرضية التي تفاقم من الالتهاب الرئوي و ترفع احتمالية الوفاة لدى المريض .. مثل الحمل و الأمراض الخلقية الوراثية و السمنة إضافة إلى أمراض القلب و الرئة . و جميع الحالات التي توفيت في الكويت كانت تعاني من هذه الحالات المرضية إضافة إلى الالتهاب الرئوي من H1N1.
و بصفتي طبيبة شاركت بعلاج إحدى الحالات .. فإني أجزم أنه لم يكن هناك أي تقصير من جانب الهيئة الطبية ككل في علاج هذه الحالات .. و كنا على اتصال دائم مع المستشفيات التي ترقد فيها باقي الحالات لتبادل المعلومات و الخبرات حول هذه الحالات . بل إننا بدأنا العلاج بعقار التاميفلو قبل أن تظهر نتيجة التحليل المخبري ..و ذلك لتوقعنا الإصابة بهذا المرض بسبب طبيعته الشرسة حيث يكون الالتهاب الرئوي شديدا جدا منذ بدايته و ليس كأغلب أنواع الالتهابات التي ترتفع شدتها تدريجيا . لكن وجود الحالات المرضية التي ذكرتها هو ما ساعد على تفاقم الوضع و تسبب بشكل كبير في الوفاة. و مما يدل على ذلك هو تماثل إحدى الحالات الحرجة للشفاء حيث تم رفع جهاز التنفس من المريض الذي كان لا يعاني من أي حالة مرضية مصاحبة لالتهاب الرئوي و لله الحمد.
و بناءا على ما ذكرته .. فإني لا أرى أنه يتوجب على الوزير الاستقالة .. فالوباء عالمي و لكل دولة ظروفها الخاصة .. فلا يمكن مقارنة نسب الوفيات بين الدول و الحكم على أساسها .. فمشكلة الكويت هي وجود عدد هائل من جنسيات مختلفة .. مما يسبب زيادة تفشي المرض عن غيرها من الدول ..إذا ما صحت المقارنة . ثم إن المرض بدأ ينتشر قبل تولي الوزير لوزارته . فليس من العدل أن نتهمه بالتقصير .. فهو شخص عادي و لا يملك قدرات خارقة تمنع الوفيات .
و مسألة انتشار المرض .. تحكمها ممارسات الناس و ليس وزارة الصحة . فإحدى حالات الوفاة - رحمها الله - كانت حاملا و مع ذلك فقد سافرت إلى جمهورية مصر العربية .. و ظهرت عليها أعراض المرض بعد عودتها. رغم التحذير من السفر لكبار السن و الحوامل و غيرهم.
أما ما أرى أنه ضروري من قبل الحكومة .. هو مسألة تأجيل بدء العام الدراسي .فباعتقادي أن عودة الطلبة و المدرسين من الخارج .. ستحمل معها موجة أخرى من انتشار المرض .. مما قد يرفع نسبة الإصابات و الوفيات أيضا .
دمتم جميعا بصحة و عافية ..
سيدة التنبيب

17 أغسطس 2009

أنا رأيتهم !

ويلي على الجهره و أهلها



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..





" و بشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون (156 )"
سورة البقرة




يومان و الصور لا تفارق خيالي .. رأيت المأساة بعيني و ليتني لم أكن في المستشفى ليلتها ..





عن ماذا أحكي و كيف أصف .. و كان كابوس كوابيسي أن أشارك في علاج أي شخص مصاب بحريق ..



فإذا بها المرة الأولى التي أواجه فيها ضحية حريق .. تكون بهذا المنظر ..



أرى بقايا الزينة مختلطة بسواد الدخان و الجلد المسلوخ .. آه آه ماذا أقول ..



صدمت و لن أنسى الموقف ما حييت ..



عظم الله لنا الأجر جميعا ..



سيدة التنبيب

12 أغسطس 2009

زميلي إرهابي و " شفهم النواب بالطب "؟؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..




أفزعني خبر الصفحات الأولى للصحف حول التخطيط لتفجير معسكر عريفجان . و زاد فزعي بعد أن علمت أن أحد المتهمين هو زميل أعرفه جيدا. يتحلى بأخلاق عالية و روح مرحة .. و محبوب جدا من قبل الجميع . هل حقا هو كذلك ؟ من يتأمل اتسامته البشوشة دائما .. لا يمكنه أن يخال و لو لطرفة عين .. أن هذا الشخص قد يفكر يوما بالقتل و التفجير !

*********************************************************

أعود لموضوع انفلونزا الخنازير و أسئلة نواب المجلس حولها ، و تعليق الدكتور هلال الساير وزير الصحة حول الموضوع. بدا لي من خلال تعليقاتكم حضور جبهتين - لو صح التعبير - و هما جبهة أبدت استياءها من تصريح الوزير .. و كان أبرز أعضاؤها الزملاء د. بلو ، أحمد الحيدر ، و صلاح . في حين ضمت الجبهة الثانية الأخت أم حسن و الزميل مطعم باكه و هما قد فهما المغزى من وراء مقالتي و لهذا أجد نفسي أنضم لهما و أضطر لتخصيص هذا البوست لذلك .
كان موضوع انفلونرا الخنازير .. مجرد مثال لظاهرة باتت تأكل الأخضر و اليابس في دولتنا . الجميع يصرح و يتدخل فيما لا يعنيه. الواقع إن تعليق الدكتور الساير أثلج قلبي. للمرة الأولى أجد من بين أعضاء الحكومة من ينتقد النواب نقدا في الصميم. لست أعجب من ذلك فشخصية الدكتور الساير- كاغلب الجراحين - شخصية كاسحةو تستطيع احتواء من حولها . لكن المشكلة تكمن في أن السياسة في بلدنا مستنقع ملئ بالفطريات .. و يمكن لهذ الفطريات أن تتحد فيما بينها و تتخلص من أي كائن حتى لو كان قويا.
لا يمكنني سوى أن أقول أنني أتمنى له التوفيق .. عله يستطيع الصمود و ينفذ من ( المقصلة السياسية) كما أسماها الزميل عاشق وطن في مقالته الأخيرة.
و دمتم
سيدة التنبيب

06 أغسطس 2009

عفوا سيدي الوزير ..

( شفهم النواب بالطب )؟؟!!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

الدكتور هلال الساير ( وزير الصحة )، يصرح في الصحف حول الانفلونزا و أسئلة نواب المجلس و يعلق قائلا : شفهم النواب بالطب ؟...وقفت طويلا عند هذا التصريح .. و خلت نفسي أحادث السيد الوزير قائلة :
عفوا سيدي الوزير ..ليس من حقك أن تتساءل عن فهم النواب للطب..
نعم ..أعلم أن لك في الطب ما يربو على الأربعين عاما ..
نعم أعلم أنك كنت من أجل أساتذتي ..بمثال الأخلاق المتكامل .. للطبيب العالم و العامل ..
نعم .. أعلم كما المستشفى كله كان يعلم كيف هي مواظبتك في ساعات العمل .. كيف كنت تسبقنا جميعا لتمر على مرضاك في الخامسة و النصف صباحا كل يوم .. رغم سنين عمرك التي تجاوزت الستين ..
أعلم أن عملية جراحية واحدة من التي كنت تؤديها ..قد تعادل عمل فصل تشريعي كامل من إنتاجية مجلسنا ..إن صح لنا قياس الجهد العقلي و العملي المطلوب للعملين ..
أعلم أن ورقة بحث علمي واحدة فقط من إنتاجك ..تكفي لرفع اسم الكويت عاليا في المحافل الطبية الدولية ..
أعلم أنك قد أديت عملك على أكمل وجه و كما ينبغي لكل طبيب أن يعمل ..
أعلم أنك لست طبيبا جرا حا و أستاذا في كلية الطب و رئيس قسم لسنوات فقط .. بل إنك جبل علمي و إداري شامخ ..
نعم .. أعلم كل هذا ..
لكن أطلب عفوك .. فنواب مجلسنا الأفاضل .. باتوا يفقهون كل شئ .. و يملكون سلطة كل شئ .. و تتصاغر أمام سلطاتهم كل جبال العلم و الأخلاق .. أنا استبشرت خيرا من توليك الوزارة .. أخيرا أصبح وزيرنا ( منا و فينا ) و يتكلم نفس لغتنا ..لكن اعذرني .. فالطريق وعرة جدا .. و إني لأشفق على ( هيبتك ) التي صنعها سهرك و جدك في المستشفى .. أن تضيع في ردهات مجلسنا ..الذي استباح بعض نوابه كل شئ.
دمت بخير
سيدة التنبيب

01 أغسطس 2009

تسعة عشر ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

تسعة عشر عاما على الليلة السوداء .. ليلة الثاني من أغسطس ..

تسعة عشر عاما على أكبر جريمة غدر عرفها تاريخنا المعاصر ..

تسعة عشر عاما على بداية الدمار الذي حل ببلدنا الصغير المسالم ..

تسعة عشر عاما على دماء شهدائنا .. و رفات أسرانا و مفقودينا ..


تسعة عشر عاما .. كبرنا و تغيرنا .. و شغلتنا دواماتنا و صراعاتنا ،

تسعة عشر عاما .. لكن هل ننسى ؟


دمتم و كويتنا بخير و أمان.



سيدة التنبيب

27 يوليو 2009

الوجه الآخر ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

موضوع جديد أود مشاركتكم فيه .. و أتمنى أن أتمكن من صياغته بصورة مناسبة . كانت لدي عادة منذ طفولتي كبرت معي .. و أصبحت تتشعب كلما ازدادت نشاطاتي في الحياة .و هي عادة التأمل و التفكر في الوجه الآخر من كل إنسان . مثلا ، كنت دائما أفكر في مدرساتي المميزات و ذوات الشخصيات المحبوبة في المدرسة .. و أحاول تخيل نمط حياتهن في المنزل .. هل هن بنفس المثالية التي أراهن بها في المدرسة ؟ أساتذة الجامعة أيضا .. هل يكونون بنفس الصرامة و الالتزام بالنظام في بيوتهم أو في أي مكان آخر غير قاعة المحاضرات ؟ مذيعو التلفاز ..رجال الشرطة .. الوزراء .. و غيرهم .
نفس الفكرة بدأت تراودني حول الأطباء . هل من الممكن أن يتخيل أي منا ..أن لهذا الطبيب الذي يرتدي معطفه الأبيض .. و يعلق سماعته على كتفه .. و يكتب في ورقة العلاج ..هل من الممكن أن نتخيل أن يكون له دور آخر غير دور الطبيب ؟ هل نتخيل أن يكون تاجرا إلى جانب كونه طبيب ؟
الواقع .. هي فكرة محددة ما أود مناقشتها حول الوجه الآخر لبعض الأطباء. هناك من الأطباء من يتم اختياره بحكم عمله لعضوية لجنة اختيار المناقصات التجارية .. لشراء الأدوية و المعدات و اللوازم الطبية ..و هنا تكون الفرصة سانحة ..(لمن يريد أن يصطادها ) بأن يختار الشركة التي يريد حتى لو كان ذلك بعيدا عن المواصفات أو الفائدة المرجوة .. يستطيع ترشيح الشركة التي يريد لتنفيعها و الانتفاع من ورائها أيضا! لست أريد وصف الوضع بالسوداوي لكن مثل هذه القصص كثيرة . مثلا .. كنت أعرف طبيبا انضم للجنة كلفت شراء أسرة جديدة لأحد الأجنحة .. و كان العرض الذي يراه مناسبا .. هو شراء الأسرة ذات الكفاءة العالية بسعر تسعة آلاف دينار للسرير الواحد ، و يكون معدل استهلاكها و حاجتها للتبديل عشر سنوات ..في مقابل عرض آخر .. كان يدعمه طبيبان آخران .. و هو شراء أسرة أرخص ( ثلاثة آلاف دينار للسرير ) ، و معدل استهلاكها سنتان فقط. كانت حجتهما الظاهرية هو التوفير ، فرد قائلا : أن السرير المكلف يمكن استخدامه لعشر سنوات .. بينما السرير الرخيص يجب استبداله بعد عامين و بذلك ستكون التكلفة أكثر خلال عشر سنوات . و هي وجهة نظر صحيحة . مالذي تتخيلونه كان رد الطبيبين الآخرين ؟ نعم نحن نريد استبدال الأسرة كل عامين .. فستكون هناك مناقصة كل عامين و يمكننا أن نربح بعض العمولة من هذه الشركة عند كل مناقصة ! قام ذلك الطبيب بالستقالة من لجنة المشترات لأنه لم يكن يريد المشاركة في مثل هذه الجريمة.
من منا يتخيل أن يكون طبيبه المعالج مثل هذين ؟ هو وجه آخر لإنسان ، قد نحصره في صورة محددة .. ظاهرية كما نراها .. دون أن نخال أن له وجه آخر .. بعيد تماما عن الصورة التي في تفكيرنا .
دمتم جميعا بخير .
سيدة التنبيب

22 يوليو 2009

من يعالج من ؟

عندما يمرض الطبيب !


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

موضوع أفكر فيه بين الحين و الحين .. عندما أصادف أو أسمع عن زميل أصابه مرض ما .الواقع إنه موقف صعب أن يمرض طبيب . لست أعني أن الأطباء بمعزل عن المرض، و لكن وضع الطبيب و إدراكه للأمراض المختلفة و مضاعفاتها .. يجعل موقفه صعبا عندما يمرض. فقد تنتابه الهواجس حول أشد المضاعفات و أسوأ النتائج التي من الممكن أن تصيبه نتيجة المرض. يروي الزملاء حكاية جراح كبير .. توفي - رحمه الله - قبل سنوات بالمرض الخبيث بالقولون .. و كيف أنه رفض العمل الجراحي و رفض أي نوع من العلاج الكيميائي و الإشعاعي ..و كانت نظرته في ذلك أنه لا يريد التعرض لمضاعفات المرض و العلاج معا .. يكفي مضاعفات المرض فقط. حتى توفي بصمت رغم آلامه .أما أنا فقد صادفت العديد من زميلاتي ممن تعرضن لمضاعفات أثناء الحمل و الولادة . فنحن نسمع يوميا عن حكايات النزيف الشديد أثناء و بعد الولادة .. و بالنسبة لنا هو أمر وارد الحدوث مع أي امرأة. لكن لا نتخيل أن تصاب أي منا بهذا. إحدى الزميلات أصيبت بالهلع عندما أخبروها أن هناك نزيف من الرحم بعد ولادتها .. و أخذت تتصور أنها ستموت نتيجة النزيف رغم أنه كان نزيفا بسيطا !
جانب آخر من الموضوع يتضمن مرض أحد أقارب الطبيب . فهو موقف صعب جدا أن يرى الطبيب أمه أو أباه أو ابنه مثلا في حال المرض. تجده أيضا يعاني من القلق بشأنه و يفقد القدرة على اتخاذ القرار حول العلاج. هناك قلة قليلة من الأطباء ممن يملكون رباطة الجأش في مثل هذه المواقف و يستطيعون التصرف دون التأثر بعواطفهم. طبيبة قلب لم تستطع تشخيص جلطة في تخطيط القلب لوالدها رغم أن التشخيص كان واضحا من التخطيط حتى بالنسبة لطالب طب مبتدئ! لا ألومها في ذلك .. ففي موقف كهذا يفقد الإنسان قدرته على التفكير السليم. لذلك تتضمن الأخلاقيات و الأعراف الطبية نصوصا حول ضرورة عدم مشاركة الطبيب بأي قرار حول علاج أحد من أقربائه .لأنه من جهة سيكون متأثرا عاطفيا بالموضوع و ذلك قد يسبب تخبطا باتخاذ القرار الصحيح . و من جهة أخرى .. فإنه لو حدثث مضاعفات نتيجة العلاج فلن يسامح الطبيب نفسه حول تسببه بذلك.
حتى الآن .. أحاول دائما تجنب التدخل إذا مرض أي من أقربائي .أقوم بترك الأمر برمته للفريق الطبي المسئول ..و لا أطلب أي تغيير في العلاج لمجرد أنهم اهلي .. أرى أن يتم علاجهم كأي مريض حتى أتلافى الوقوع في أي خطأ ..و تأنيب الضمير أو الندم إذا ما تدخلت بشكل ما و حدثت مضاعفات .
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

09 يوليو 2009

يا ليتنا متنا بالغزو !

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


كلمة آلمتني كثيرا .. و لم أجد غير مدونتي مكانا للتعبير عن ضيقي. رجل كويتي في الستين من عمره .. يلف أقسام المستشفى من قسم الجراحة إلى الباطنية إلى العناية المركزة .. يبحث عن سرير لوالدته التي ترقد في غرفة الملاحظة بانتظار توفر سرير في الأجنحة ..هي في الثمانين من عمرها و تعاني حالة متأخرة من السرطان .. و لا يوجد سرير لها في أي مكان في المستشفى .. يقول و الأسى يملأ كيانه : يا ليتنا متنا بالغزو و ارتحنا ! بدال اللي نشوفه ! لم يكن لدي ما أواسيه به سوى : اذكر الله .. كل شي مقدر و مكتوب .
هل يعقل أن نكون في بلد كالكويت .. و لا نزال نعاني من مشكلة نقص الأسرة في المستشفيات ؟
سامحوني على (البوست ) القصير هذا ..لكن ضاق صدري و لجأت للتدوين.
دمتم بخير
سيدة التنبيب

04 يوليو 2009

العقد النفسية لأطباء التخدير!

الطب حسب الجنسية !


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


يتميز أطباء التخدير في المستشفيات عن غيرهم من أطباء التخصصات الأخرى بعدد من المهارات التي لا يقوم بها غيرهم. فطبيب التخدبر بحكم تخصصه يقوم باستخدام أدوية و أجهزة متخصصة في علاج الحالات الحرجة التي يقف فيها غيره من الأطباء عاجزين عن التصرف. ليس هذا انتقاصا من شأنهم لكن تخصص طبيب التخدير يجعله متمكنا من ذلك.و من المعروف عالميا بأن لأطباء التخدير قيمة عالية حتى في القطاع الخاص. لكن الوضع في الكويت و في بعض البلاد العربية معكوس تماما. حيث يعتبر طبيب التخدير نفسه ( خادما) لباقي الأطباء يقوم بما يطلب منه كعامل و ليس كطبيب! فعندما تكون هناك حالة حرجة يكون وجود طبيب التخدير ضروريا .. و تراه يقوم بالجهد الأكبر لإنقاذ حياة المريض .. و بالرغم من ذلك فإن غيره من الأطباء المتابعين للحالة من التخصصات الأخرى هم من يسيطرون على الوضع .. و قد يصل الأمر بهم إلى إعطاء الأوامر له بطريقة غير مهنية!
تخصص التخدير و العناية المركزة ..يعتبر من التخصصات النادرة و المطلوبة في الكويت و حول العالم. فانخراط الأطباء في هذا التخصص يكاد يكون محدودا مقارنة بباقي تخصصات الطب. لأن طبيب التخدير يعتبر من الجنود المجهولين .. يعمل في الظل بينما الطبيب الجراح و الطبيب الباطني يكونان معروفين للمريض و أهله. لذلك نرى عزوفا من الأطباء عن التخصص في التخدير .عدد أطباء التخدير الكويتيين قليل جدا و لا يتجاوز العشرين طبيبا حسب معلوماتي .. بما فيهم الأطباء المبتعثون للخارج.تبعا لذلك فإن غالبية أطباء التخدير في مستشفيات الكويت المختلفة هم من الجنسيات العربية و الأجنبية المختلفة. و حسب رأيي الشخصي هذه مشكلة كبيرة( أعني مشكلة الجنسية ) يواجهها هؤلاء الأطباء. حيث يتم استغلالهم من باقي الأطباء بدعوى أن الحالة حرجة , فترى طبيب التخدير يستمر بالعمل مع المريض و يتابع حالته .. في حين يذهب غيره من الأطباء للراحة على أساس أن الحالة الآن في عهدة طبيب التخدير.هذا الموضوع يتفاقم عندما يكون طبيب التخدير غير كويتي كما هي الحال أغلب الأحيان و يكون الطرف الآخر كويتيا ! أذكر في سنة التدريب الأولى بعد التخرج جاء مصاب بحادث سيارة و كانت قدمه اليسرى متهتكة تماما .. و تم نقله للعمليات لبترها .. أخذ المريض يشتكي من بطنه قبل تخديره .. فطلب طبيب التخدير( و كان مصريا ) من جراح الأوعية الدموية ( و كان كويتيا ) أن يتريث قبل تخديره حتى يتم الكشف عليه من طبيب الجراحة لاستبعاد أي إصابة أو نزيف داخلي ( و هي وجهة نظر صحيحة طبيا ). فإذا بالجراح الكويتي يهب صارخا في وجهه : لا تعطلنا خل نخلص ! فكان رد المسكين : حاضر يا بيه ! كنت قد دخلت العمليات لإيصال أكياس الدم للمريض كدأب الأطباء المتدربين دائما في الحالات الحرجة .. حيث يتم استغلالهم كعمال نقل لإحضار الدم بسرعة بدل الاعتماد على عمال النقل الآسيويين. المهم أني رأيت هذا الموقف فقمت بالاتصال بمسؤول وحدة الجراحة الذي أعمل معه و أبلغته بالحالة .. فقام لحسن الحظ بالاتصال بجراح الأوعية الدموية و طلب الانتظار ريثما يأتي للكشف على بطن المريض. هذا موقف شاهدته بنفسي .. و هو يتكرر في العديد من المستشفيات بصور مختلفة .. و بصراحة ( يكسرون خاطري ) أطباء التخدير عندما يتعرضون لمثل هذا الموقف . أشعر أنه يخاف على لقمة عيشه و لايريد أي مشكلة مع أي طبيب آخر خاصة ما إذا كان كويتيا. و المشكلة أنه عندما يذعن طبيب التخدير لرغبة الجراح .. ثم يتضح أن وجهة نظره كانت صحيحة .. فإنه يلام و تقع المسئولية على عاتقه بشأن المريض!
في السنوات الأخيرة بدأ توافد الأطباء الكويتييون المتخصصون في التخدير، و بدأت النظرة تتغير تدريجيا. و إني لأتمنى أن تنصلح الأحوال ليأخذ كل طبيب وضعه المهني الطبيعي .. مما يصب في مصلحة المريض.
و دمتم
سيدة التنبيب

26 يونيو 2009

الحلم الجميل ..ومصداقيتنا !

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..








عنوان اليوم يتكون من كلمات لا رابط بينها ظاهريا ، قررت استعارة طريقة بعض الكتاب في استخدام عناوين تجذب القراء.ليست ثمة علاقة مباشرة بين الزميل الحلم الجميل و المصداقية التي أود التحدث عنها .. لكن في باطن الأمر أعتقد أنه هناك علاقة وثيقة و لو من بعيد، بين ما أريد مناقشته حول هذين الأمرين .


في الشهر الماضي كتبت عن انتخابات الجمعية الطبية .. فعاب علي الزميل الحلم الجميل عزوفي عن انتخابات مجلس الأمة و اهتمامي بانتخابات الجمعية الطبية .. و الآن بعد مهزلة الاستجواب الأخير ..و من قبلها التراشق اللفظي الهابط لبعض النواب في قاعة المجلس ...أقول له ألا تعتقد أن ممارسات النواب هذه و التي تفضلت بنفسك بانتقادها تكفي لتكون سببا لمقاطعة الانتخابات؟ نعم لم نكن نعلم من سيصل للمجلس .. و لكن نمط الحياة السياسية في السنوات العشرة الأخيرة لم يتغير .. و كم شهدنا من مفاجآت مخزية جعلتنا نفقد الثقة في عمل المجلس .. و بالتالي فإن الأمل في الإصلاح ليس في الأصوات الأربعة التي سأخطها في ورقة الانتخاب .. الواقع أنا لا أدري أين هو بالضبط !!


مصداقيتنا ؟؟

المصداقية التي أريد التحدث عنها فهي مصداقية العمل الطبي .. في مستشفيات الحكومة و المستشفيات الخاصة . قد لا تكون الفكرة واضحة لكنني سأحاول شرحها حسب المستطاع .هذ الفكرة تدور في رأسي منذ شهر تقريبا .. لكن لم تكن لدي القدرة على صياغتها بصورة مفهومة. و هذا سبب توقفي عن التدوين منذ ذلك الحين.
يفترض بنا كعاملين في القطاع الصحي أن نتحلى بالأمانة المهنية .. و أن نبذل ما نستطيع في سبيل تحقيق سلامة المرضى. لكن إلى أي مدى يمكن أن يتحقق هذا الهدف بالصورة المثالية؟ من جهة كيف يمكن ضمان أن الرعاية الصحية للمريض قد قدمت على أكمل وجه دون نقص؟ و من جهة أخرى .. كيف نضمن أن ما قمنا به ناحية المريض هو ما يحتاجه بالضبط و لم نعرضه لفحوصات غير ضرورية ؟
الموضوع ينطبق على جميع مرضى القطاع الخاص .. ممن تقوم العيادات و المستشفيات الخاصة بامتصاص أموالهم في صورة الكثير من تحاليل المختبرات وفحوصات الأشعة .. التي قد لا يكون لها داع لتشخيص الحالة .. و كذلك على مرضى القطاع الحكومي من غير الكويتيين ممن يخضعون للضمان الصحي و يتوجب عليهم دفع الأموال حسب الفحص الذي يخضعون له. و لو أنه حتى في حالة الكويتيين ممن لا يتوجب عليهم الدفع ..فإن الدفع يكون من ( حنفية ) المال العام .
من لفت انتباهي لهذه النقطة .. زميل طلب منه أخذ عينة من السائل النخاعي الشوكي لمريض آسيوي يشتبه بإصابته بالتهاب السحايا.في مثل هذه الحالات يفترض أن نقوم بفحص الرأس بالأشعة المقطعية قبل أخذ العينة إن كان هناك شك بارتفاع ضغط الرأس.المريض الآسيوي لم يكن مقيما بل زائرا .. و ليس لديه ضمان صحي و في هذه الحالة تكون كلفة الأشعة المقطعية كبيرة جدا.و زميلي ( من جنسية عربية ) لم يكن مقتنعا بضرورة الأشعة المقطعية لأنه حسب الفحص الطبي لا يظن أن هناك ارتفاعا في ضغط الرأس ( داخل الجمجمة ). فكان لا يريد تعريض المريض لأشعة ليس لها داع من جهة .. و من جهة أخرى سيضطر لدفع مبلغ كبير لقيمة الأشعة. كان هناك نقاش بين مجموعة من الأطباء لمدة ربع ساعة حول هذه النقطة .. الأغلبية كانت مع عمل الأشعة المقطعية رغم اعتقادهم بانها غير ضرورية .. و ذلك زيادة في الاحتياط و لتفادي أي مساءلة حول هذه النقطة. ( سووها شخسرانين )؟ نعم .. لن ندفع من جيبنا لكن أين الأمانة و مصداقية العمل الطبي؟
أتمنى أن يكون هذا المثال قد أوصل الفكرة التي أريد طرحها. هذ حالة تحدث يوميا ربما مئات المرات في كافة قطاعات العمل الصحي .و عليها يمكن قياس أمور كثيرة تحدث في قطاعات أخرى. الكثيرون يعملون بلا أدنى إحساس تجاه الهدر الذي يمارسونه .. ربما عن غير علم في كثير من الأمور .. لكن لو تخيل كل منهم أنه هو من سيقوم بدفع ( الفاتورة ) .. هل سيتصرف بنفس الطريقة؟
دمتم بخير
سيدة التنبيب

29 مايو 2009

أعود لكتاباتي ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..



أود الكتابة اليوم في فقرات قصيرة منفصلة .. حول عدد من المواضيع التي تشغلني ..









( 1 )



أبيكم تشتكون..



قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء .. لكنها جملة رددتها أكثر من مرة , لعدد من المرضى و أقاربهم . لا .. ليس الموضوع تحديا لهم .. بل هي رغبة حقيقية مني بأن يتقدموا بشكوى حول بعض ما يحدث لهم و لأقاربهم المرضى في بعض المستشفيات . عندما يكون هناك قصور في النظام العام الذي تسير به المستشفيات .. و يتسبب هذا في أن بعض المرضى لا ينالون الخدمة و الرعاية المثالية في المستشفى كما يجب، فإني أطلب منهم أحيانا أن يتقدموا بشكوى .. لأنه ما من وسيلة يمكن التصحيح فيها إلا ( الصوت العالي ) .



( 2 )


التشريح بعد الوفاة


ليس لدي علم كاف بآراء الفقهاء حول هذه القضية .. لكنني في السنوات الأخيرة بدأت أؤمن بوجوب تشريع قانون حول التشريح بعد الوفاة . أنا أعتقد ( و إن كنت لا أدري أيجب أن أصرح بهذا أم لا كطبيبة ) ، أعتقد أنه في عدد من حالات الوفيات تكون هناك أخطاء طبية من قبل الأطباء أو الهيئة التمريضية .. و أنه لا وسيلة لاكتشافها إلا التشريح .. لا نريد التشريح لمعاقبة الناس , بل لنعرف أين يوجد الخطأ في نظامنا الصحي .. سواءا كان خطأ مقصودا أو غير مقصود .









( 3 )



نقول و لا ما نقول ؟



كثيرا ما يصادفنا موقف يطالب فيه أهل المريض بعدم إخباره بحالته .. خصوصا إذا كان مصابا بمرض خبيث أو حالة متقدمة من أمراض القلب و الرئة. الأطباء المتدربون في الدول المتقدمة يرفضون ذلك و يعتقدون أن من حق المريض أن يعرف حالته بالضبط. بينما من عمل هنا لفترة طويلة .. يصاب بالركود و ينفذ ما يطلبه الأهل دوم مراعاة لحق المريض.









( 4 )





أضحك و لا أبكي ؟

موقف حدث لزميلتي التي تعمل في أحد الأقسام . كان هناك مرور من قبل فريق منع العدوى في المستشفى لأخذ عينات من أيدي الأطباء و الممرضين و الفنيين و تقديمها للفحص الميكروبيولوجي لمعرفة مدى تلوث أيديهم . فما كان من مسئولة الممرضات في ذلك القسم إلا أن طلبت من الجميع غسل أيديهم بالكحول قبل أخذ العينات و دون أن يراهم الفريق !!
زميلتي الطبيبة رفضت ذلك ، لا يجب أن نخدع أنفسنا و نغش فريق منع العدوى .. صحيح ؟ لكن أن ثبت أن يدك تحوي بعض الميكروبات سيكتبون تقريرا حول ذلك و يذكر اسمك في التقرير!! تقول زميلتي أنا لم أغسل يدي و بالنتظار نتيجة الفحص .. لكنني في ذلك الموقف لم أكن أعرف أأضحك أم أبكي و أنا أرى الجميع يغسلون أيديهم بالكحول ثم يقدمونها للفحص و كأنهم لم يفعلوا شيئا.. قلت لها .. لو كنت مكانك لملأت القسم صراخا و فضحت الجميع !
و دمتم
سيدة التنبيب

27 مايو 2009

اكتساح :)

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


تم بحمد الله إعلان نتائج انتخابات الجمعية الطبية , و فازت باقتدار و اكتساح قائمة الجميع .. و هم " رجال" الجمعية الطبية الأكفاء :

د. علي زايد المكيمي
د. أحمد نايف الفضلي
د. محمد علي شمساه
د. ناصر بدر الحميدي
د. أحمد علي مراد
د. خالد فائق الملا
د. هديل سامي العون
ألف مبروك و بالتوفيق إن شاء الله




سيدة التنبيب

21 مايو 2009

رجال الجمعية الطبية ... شكرا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..




بعد معمعة انتخابات مجلس الأمة .. و التي أفرحتني نتائجها بعض الشئ, رغم أني كنت من العازفين عن المشاركة فيها ليأسي من إمكانية الإصلاح في بلدنا .أقول بعد انتهاء هذه المعمعة الكبرى .. تبدأ بعد أيام إن شاء الله معمعة انتخابات الجمعية الطبية و التي قد تصادف أوائل الشهر القادم . قبل سنوات لم أكن أهتم أبدا لانتخابات الجمعية الطبية بسبب عدم فعالية دورها الذي لم أكن شخصيا أشعر به . فبالنسبة لي كان نشاط الجمعية الطبية - و لسنوات طويلة - مقصورا على المخيم الربيعي و العمرة السنوية . لكن نشاط مجلس الإدارة الحالي كان ملحوظا و متنوعا و كثيفا .. مقارنة بسابقيه . فمجرد إقرار كادر الأطباء بجهود حثيثة من "رجال " الجمعية الطبية و التي وصلت لحد تقديم الاستقالات الجماعية " الصورية " ، هو إنجاز عظيم نفخر به جميعا كأطباء. و يأتي تصميم المكتبة الإليكترونية و إتاحة فرصة الاشتراك بالمجلات و الدوريات الطبية العالمية للأطباء كإنجاز حيوي آخر . و أيضا فكرة ربط الأطباء جميعا عن طريق خدمة الرسائل الهاتفية القصيرة المتضمنة لآخر أخبار و نشاطات الجمعية الطبية ، محاضرات التعليم الطبي المستمر ،المؤتمرات العلمية و الأخبار الاجتماعية للأطباء . كل ذلك جعل للجمعية الطبية حضورا بيننا كأطباء رغم كثرة المشاغل و الالتزامات . نضيف إلى ذلك إنجازا فاعلا جدا و هو إنشاء مركز التدريب على الإنعاش و الذي حصل على اعتراف جمعية القلب الأمريكية. أصبح هذا المركز يدرب العديد من الأطباء و الممرضين و حتى المدرسين على عملية الإنعاش ، و يصدر الشهادات المقبولة عالميا و المعترف بها من قبل جمعية القلب الأمريكية.
مجلس الإدارة الحالي يعتبر مستقلا و لا يتبع أي تيار سياسي ، بعكس المجالس السابقة التي كانت تحسب على التيارين الإسلامي و القبلي. و من جهة أخرى فإن غالبية أعضاء مجلس الإدارة هم من رؤساء الأقسام في مستشفياتهم و يملكون خبرة إدارية و فنية عالية، يتمتعون بشعبية كبيرة في وسط الأطباء ، و معروفون بحبهم لخدمة المجتمع و الناس بشكل عام . الواقع إني أعتبر نفسي من المحظوظين بأن عاصرت هذا العهد من إدارة الجمعية الطبية .. و أتمنى أن يستمروا على نفس النهج سواء أقرروا الاستمرار في العمل بالجمعية أم لا . فمنذ تخرجي كنت ألاحظ الركود و عدم الرغبة في التحرك من قبل الأطباء في اي مجال. لدرجة أنه في عهد أحد الوزراء السابقين تم التحكم بمدة إجازة أداء الامتحانات الممنوحة قانونا من قبل ديوان الخدمة المدنية للأطباء ، و تقليصها من 45 يوما إلى أسبوعين فقط . و لم نر أي تحرك من قبل الجمعية الطبية بشأن ذلك .. أصبنا جميعا بالركود و اللا مبالاة و أصبحنا نورثها للخريجين الجدد. أما في العهد الحالي ، فقد كان تحرك الجمعية الطبية بشأن إقرار الكادر و عودة جميع الحقوق للأطباء بما فيها إجازة أداء الامتحان ...هو من أعاد الحياة للجسم الطبي و فتح آفاقنا على أمور كثيرة كنا نعتبرها من المستحيلات .
في النهاية .. أود فقط ان أشكرهم على جهودهم و أتمنى لهم التوفيق و النجاح في الانتخابات مرة أخرى .. لكنني اقول أنه حتى لو لم يحالفهم الحظ في الفوز ، فيكفيهم فخرا إقرار الكادر بعد سنين طويلة .. و يكفيهم أنهم أعادوا لنا النبض .. و جددوا دماء الجسم الطبي.
و دمتم .
سيدة التنبيب

07 مايو 2009

أطباؤنا المرشحون .. مهلا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

من جديد ألتقي بكم عبر هذه المدونة .. و حديثي اليوم عن ظاهرة- لو صحت التسمية - ترشح الأطباء لانتخابات مجلس الأمة .صحيح أنه لكل مواطن كويتي مستوف لشروط الترشيح الحق في الترشح .. لكني أرى أنه في بعض الأحيان و بالنسبة لبعض الأشخاص .. تكون عملية الترشح للانتخابات مضيعة للوقت و الجهد .أعرف شخصيا اثنين من المرشحين الأطباء .. و لن أذكر اسميهما حتى لا تعتبر دعاية انتخابية .. لكنهما من أفضل الكفاءات الطبية في الوزارة .. و لديهما حس عال من المسئولية .. و رؤية شاملة وواعدة في العديد من مجالات الحياة .. و ليس فقط في الناحية الطبية . في المقابل .. أجد أن الممارسة السياسية في بلدنا لا تزال لعبة خطرة و غير مفيدة في أغلب الأحيان .و أرى أن من يدخل لعبة السياسة مهما كانت مبادئه و أخلاقه .. فلابد أن ينغمس في وحل السياسة و يفقد مصداقيته و لو جزئيا .كنت أجلس في إحدى الندوات الانتخابية لأحد المرشحين الأطباء عندما انتقد قضية العلاج في الخارج و استغلال الواسطة .. عندها قالت إحدى الحاضرات : سنرى عندما يصبح نائبا ،ألن يتوسط لأحد بشأن العلاج في الخارج ؟
و الواقع أنا أرى أنها معادلة صعبة .. فدخول الحياة السياسية يفرض بعض التغيير على المبادئ و السلوكيات ، فهل سيمتنع الأطباء النواب عن تقديم الخدمات لمن صوت لهم و أوصلهم لقبة البرلمان ؟ فهم بشر و مهما بلغت مثاليتهم فلابد أن يقدموا بعض التنازلات . من جهة أخرى .. فأنا أرى أن هناك خسارة عظمى للمستشفيات و المرضى لو ترك هذان الطبيبان عملهما و أصبحا نائبين .مجلس الأمة أصبح بؤرة فساد بحد ذاته و عنصر تراجع في وطننا . بينما هناك من المرضى و حتى من الأطباء من يستحق وجود هذين الطبيبن معهم بخبرة و أخلاق عالية . حتى الآن لم أستطع فهم قضية شيكات المسلم و شريط أسيل .. لكن عندما أرى الزخم الإعلامي و حجم المشاحنات التي جرت بسبب هاتين القضيتين مثلا .. أشعر بأن انغماس الأطباء في مثل هذه الأمور .. هو بحق مضيعة للوقت و الجهد .. مقارنة بمدى إنتاجيتهما في المستشفى نحو المرضى و نظام العمل و صغار الأطباء.
دمتم جميعا بخير و نلتقى قريبا إن شاء الله
سيدة التنبيب

24 أبريل 2009

ساعة .. مع القمر .

مأساة أسرة .. في مصرع العباس ( ع )
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
هناك مناسبة - سأذكرها في ذيل المقالة - جعلتني أدون هذه المرة حول قصة استشهاد سيدنا العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يوم العاشر من محرم عام واحد و ستين للهجرة . فبالنظر لقصص استشهاد كل أبطال كربلاء ذلك اليوم .. نجد أنهم قد قتلوا لمبدأ الدفاع عن الإمام الحسين عليه السلام ..أي أنهم خرجوا بإرادتهم إلى الموت . أما العباس .. فقد كان وضعه مختلفا .. فخروجه كان لطلب الماء لأطفال المخيم العطاشى . لم يسمح له الإمام الحسين بالخروج للقتال رغم إلحاحه في الطلب .. سمح له بالخروج فقط طلبا للماء . و بالنسبة لكل من كان في مخيم الإمام الحسين ذلك اليوم .. فقد كان وجود الحسين و العباس ضمانا للأمان رغم استشهاد الجميع . و حتى بالنسبة للإمام الحسين .. كان وجود العباس درعا واقيا له . و لم يكن عبثا أو مصادفة أن يكون هو حامل اللواء .. فبقاء راية الحسين مرتفعة بيد العباس في كربلاء رغم فقده كل رجاله ، كان رمزا كبيرا لمدى الحصانة التي يوفرها العباس لمخيم الإمام الحسين . كان هو الأمل الأخير لهم .. هو حصنهم الحصين و بطلهم المغوار .. هو الساقي و حامل اللواء. و تربص الأعداء بالحسين و أخيه رغم انعدام القوة العسكرية - من الناحية النظرية - لجيش الإمام الإمام الحسين بمقتل الجميع و بقاء الحسين وحيدا هو و أخيه .. أقول إن تربص الأعداء بهما رغم كل ذلك دليل عظيم على القيمة التي يوفرها وجود العباس لعائلته . و لذلك عبر الإمام الحسين عليه السلام عن فقد أخيه بمصطلح انكسار الظهر .. فقد كان العباس قوام نهضة الحسين ضد الظلم و الاستبداد اليزيدي .و لهذا أيضا كانت مصيبة النساء و الأطفال عظيمة بفقد العباس .. فقد انهار سورهم فجأة و شعروا بمعنى فقد الولي المسئول ..و تضاعف هذا الشعور باستشهاد الإمام الحسين , ليجد الجميع أنفسهم فجأة في مواجهة جيش من المجرمين و المرتزقة .
*******
( فلاح مات مات .. مات فلاح يا يمه )
مررت في حياتي المهنية بعدد من حوادث الوفيات .. و شاهدت كيف يتفاعل الأهل مع فقد مريضهم . لكنها حادثة واحدة فقط ، لا تزال منطبعة أمامي و لا أستطيع نسيان شخوصها أبدا . كان شابا في الرابعة و العشرين من عمره من إخواننا البدون .. غير متزوج و يعيل أما و أختا في التاسعة عشر بعد وفاة والده بالمرض الخبيث .. أدخل فلاح إلى المستشفى بآلام حادة في البطن تطلبت عملية جراحية عاجلة اتضح خلالها وجود ورم كبير ملتصق بجدار البطن و منفجر من الناحية الداخلية مما سبب الآلام .. و جاء تحليل المختبر- أثناء العملية - بأن الورم خبيث و لا يمكن تحديد مصدره بسبب تقدم الحالة .. قام الجراحون باستئصاله مع جزء كبير من جدار البطن .. و ترك البطن مفتوحا على أن يقوم جراحو التجميل بترقيع جدار البطن باستخدام أجزاء من عضلة الفخذ لاحقا بعد استقرار الحالة .لكن حالة فلاح تدهورت وتوفي بعد مرور عشرة أيام كان يرقد خلالها في العناية المركزة . خلال هذه الفترة كنت أتحدث مع أمه و أخته .. و عرفت القيمة التي يمثلها فلاح لهما , فهو رجلهم الوحيد .. و كان يقف في وجه اثنين من أعمامه .. أحدهما يريد الزواج من أم فلاح .. و الآخر يريد تزويج أخت فلاح لابنه ! و كان يعاني من آلام في ظهره و بطنه على مدى الشهور الستة الماضية ، دون أن يستشير طبيبا ..
لا أستطيع نسيان صوت أخته .. حينما كانت تبكي و تندبه ، بعد إبلاغهما بوفاته .. و هي تقول : فلاح مات مات .. مات فلاح يا يمه .. أما أمه التي أحضرت لها كرسيا جلست عليه .. فقد كانت متسمرة بلا حركة و لا صوت .. فقط تنظر إلى الأرض بصمت أبلغ من أي كلام ..
في تلك اللحظة عرفت معنى أن تفقد النساء رجلا .. وأن تبقى بلا معين في وجه أشرار مجرمين . لست أقصد تشبيه الموقف بقصة استشهاد العباس عليه السلام .. لكنها مأساة أسرة .. تتكرر يوميا و على مدى الأزمان .. جسدتها أسرة الحسين عليه السلام في كربلاء.
عباس عسى عيوني العما و لا شوفك
مفضوخ راسك طايرات كفوفك
عباس يالما ينسي معروفك
و دمتم
سيدة التنبيب

19 أبريل 2009

الناجح يرفع إيده:)

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

لا أعرف ماذا أقول و بماذا أعبر .. يكفي أن أقول أنه أخيرا و بعد صبر سنوات من الجهد و العمل و الدراسة .. نجحت أخيرا في امتحان الزمالة و التخصص .. و بذلك لا يبقى لي سوى سنوات الخبرة و تقارير الامتياز للحصول على الترقية ..
أتمنى للجميع التوفيق و النجاح في الدنيا و الآخرة ..
دمتم بخير
سيدة التنبيب

12 أبريل 2009

رفقا بالطبيبات !

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




حديثي اليوم عني و عن زميلاتي الطبيبات .. بنات جنسي اللاتي جمعن بين أعظم مسئوليتين في حياتهن : الطب و الأسرة . كيف أبدأ و ماذا أقول ؟ لعل ذكر بعض الأمثلة ( لكفاحنا ) على الصعيدين المهني و الأسري سيغني عن محاولات الشرح .و هدفي بالنهاية هو عنوان المقالة الذي أوجهه لكل رجل له صلة بطبيبة أيا كان سنها و تخصصها و جنسيتها .




تعيش العديد من الطبيبات حياة عصيبة مليئة بالضغوط . فطبيعة العمل خاصة جدا تتطلب الجمع بين التركيز والبحث العلمي إلى جانب المسئوليات العملية في المستشفى أو المستوصف نفسه .يضاف إلى ذلك مسئولياتها كأي امرأة .. أما أو زوجة أو ابنة . أعرف زميلة تزوجت و أنجبت باكرا أيام الدراسة .. لم تمض أربع سنوات في كلية الطب حتى وجدت نفسها أما لطفلين .. و تحمل مسئوليتها وحيدة .. بعد أن انغمس زوجها في الملذات وتخلى عن مسئوليات الأسرة .. كانت تدرس .. و ترعى الأطفال في وحيدة ..هي التي تشتري.. تأخذهم إلى المستشفى في مرضهم ..تخرج معهم لتسليتهم في المجمعات و المخيمات و غيرها .. رغم كل ذلك .. لم تتأخر سوا سنة واحدة عن التخرج .. و إلى اليوم .. و قد أصبح طفلاها فتيان يافعان .. متفوقان .. و هي في مركز جيد مهنيا .. كل ذلك ..و زوجها مفصول من عمله .. و هي التي تصرف عليه ! احتاج والدها إلى عملية في القلب .. فكانت هي ممرضته .. رغم وجود أمها و أخوتها , و رغم تزامن ذلك مع امتحان الزمالة و التخصص .. أيكفي هذا أم تريدون المزيد ؟ هي أيضا مصلحة بين العديد من الزميلات في حالة القطيعة .. لها شعبية واسعة بين الزميلات و الزملاء .. و لا تتخلى عن واجب أبدا ..

هناك أيضا عدد لا محدود من الأخوات الطبيبات المصريات .. ممن فقدن أزواجهن في عمر صغير و تولين رعاية أطفالهن وحيدات .. و اليوم .. أرى أبناءهن من الأطباء و المهندسين ممن يماثلونني عمرا .. في مراكز مرموقة و قد أكملوا دراستهم في أمريكا و بريطانيا و غيرها .. كل ذلك بمجهود فردي من أمهاتهم الطبيبات .. اللاتي لا زلن يعملن في الكويت , ينتظرن حلول العام الستين من أعمارهن .. حتى تتم إحالتهن على المعاش و يلازمن البيوت للراحة بعد رحلة العمر الطويلة .. و منهن من قد فازت بجائزة الأم المثالية بعد ترشيح أبنائها لها .

طبيبة أخرى يطالبها زوجها بالنجاح بالامتحانات لكي تنال ترقية و تصل لمستوى مسجل أول ، لأن المرتب الذي ستحصل عليه مرتفع جدا كما يراه . بينما هو يتركها تدرس الأطفال و ترعاهم وحيدة ليسافر مع أصدقائه !

قصص و قصص و قصص .. كثيرة هي حكايانا .. طبيبات أمهات .. مكافحات .. أرجو أن يجزيهن الله خير الدنيا و الأخرة .

دمتم جيعا بخير

سيدة التنبيب



02 أبريل 2009

قضية للمناقشة

السلام عليكم جميعا و رحمة الله و بركاته ..


أكتب اليوم بشكل مختصر عن قضية تشغل بالي منذ زمن .. و لم أكون لنفسي فيها رأيا حتى الآن . أعلم أن البلد تمر في فترة الانتخابات .. لطالما تابعت قضايا مجلس الأمة .. و في فترات الشد و الجذب بين المجلس و الحكومة
كنت أتمنى حل المجلس ..للأسف حل المجلس في فترة غرقت فيها بالمشاغل و لا أزال.. فلست متابعة الآن للساحة الانتخابية و لا تهمني أحداثها حاليا . لكن القضية التي أود مناقشتها بعيدة جدا عن السياسة و الانتخابات .. و هي قضية تهم الكثيرين في المجتمع .
قبل فترة شاركت في علاج سيدة عجوز تعاني من جميع الأمراض المزمنة .. و هي طريحة الفراش منذ سنوات .. و في شبه غيبوبة . كنت أتحدث مع ابنتها عن حالتها ، و كيف أننا نحاول السيطرة على ارتفاع ضغط الدم و اختلال ضربات القلب بالعديد من الأدوية و لكن حالتها مستعصية ، عندما فوجئت بابنتها تقول : لا يا دكتورة أدويتكم ما تنفع مع أمي .. أمي فيها مس من الأرض من صباحية عرسها !! و رغم مناقشتي لها .. إلا أنها كانت مصرة على رأيها .. و تقول أنها شاهدت بعض الجن يدخلون جسد أمها من أصابع قدمها !!
ظهر الأمس خرجت من منزلنا فرأيت جارنا يخرج بمنامته ملاحقا قطة سوداء دخلت حديقة منزله ، و كان يطاردها بطريقة مضحكة كأنها وحش أو مجرم خطير !!
أحد الجيران أيضا رفض طلب فريق إزالة التعديات بإزالة شجرة سدر كبيرة من أمام منزله .. رغم أنه أزال باقي الشجيرات بنفسه قبل قدوم فريق الإزالة ..و كانت حجته أنه لا يتحمل مسئولية قطعها و تشريد ساكنيها !!
أعتقد أن القصص السابقة قد بينت لكم طبيعة القضية التي أود مناقشتها ..الجن و الأرواح و المس و غيرها ..ما حجم معلوماتنا ، و مدى تصديقنا لكل ذلك ؟ مثلا ماهي أهمية القطة السوداء ؟ و هل لها قدرة أو خاصية معينة ؟ و على ذلك نقيس العديد من المعتقدات و التصرفات التي يقوم بها الكثير من الناس تجاه الأرواح و الجن و تلبسه و غيرها ..
أتوق لسماع آرائكم ..
دمتم جمعا بخير
سيدة التنبيب

27 مارس 2009

جننت !

السلام عليكم جميعا و رحمة الله و بركاته ..

انقطعت لفترة- أسبوعين ربما -عن التدوين و متابعة المدونات ..لقد أصبحت على مشارف الجنون من مسئوليات العمل و البيت و الامتحانات ..أترككم مع هذه الأبيات ، مع الاعتذار عن ركاكتها اللغوية ، على أمل اللقاء قريبا مع مواضيع جديدة بإذن الله ..


لا زالت بي ذرات عقل تمنعني من الصراخ و تمزيق الملابس
فالطب أضحى جنونا ينتابني و إلا فهو شك و قهر الوساوس
فهل إلا للجنون نهايتي لله در من يرحم البائس
أنا الذي ضاعت سنين عمره هما فصار دوما عابس !
دمتم جميعا بخير



سيدة التنبيب

13 مارس 2009

هل قتلت مريضا؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..


نكمل اليوم حديثنا عن الأخطاء الطبية , و أود بداية أن أشير إلى حادثة تتعلق بخطأ طبي فادح .قبل سنوات .. التحقت بدورة تدريبية لصغار الأطباء في دولة أوروبية تتعلق بالأخطاء الطبية .. كيفية حدوثها .. و تلافيها . المحاضر المسئول حكى لنا حكاية ثم سألنا ثلاثة أسئلة حولها ..


كانت الحكاية كالتالي :


فتاة تبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة أدخلت إلى غرفة العمليات لاستئصال اللوزتين .. بعد العملية و في غرفة الإفاقة عندما بدأ تأثير المخدر بالزوال .. أفاقت دون أن تشعر بأي ألم في بلعومها رغم أن الطبيب قد نبهها بأن الألم سيكون شديدا .. بعد لحظات انتبهت أن قدمها اليمنى مضمدة .. و بدأت تشعر بألم فيها , نادت الممرضة مستفسرة عن الموضوع فإذا بالممرضة تخبرها بأنهم قد بتروا قدمها اليمنى من الكاحل !!

انتهت الحكاية ..


و كانت الأسئلة كالتالي:




أولا : هل تعتقدون أن هذه الحكاية حقيقية ؟


ثانيا : إن كانت حقيقية .. فأين و متى من الممكن أن تحدث ؟


ثالثا : ماهي الأسباب التي من الممكن أن تؤدي لحصول مثل هذا الأمر ؟


هنا انقسم الأطباء الحاضرون إلى فريقين .. الفريق الأول - و كنت من ضمنه - قد نفى تماما أن تكون هذه الحادثة حقيقية .. و رفضنا الإجابة عن السؤالين الثاني و الثالث . أما الفريق الآخر فقد أقر بإمكانية حدوث هذا الخطأ .. و أنه من الممكن أن يحدث ذلك في دولة من دول العالم الثالث .. أو في دول العالم المتقدم و لكن قبل خمسين أو ستين سنة . و طبقا لما يعتقدون فإن من الأسباب التى من الممكن أن تؤدي لهذا الأمر .. أن الجراح الذي قام بالعملية هو جراح حديث التخرج .

بعد انتهاءالنقاش نظر إلينا المحاضر و قال :


هذه الحكاية حقيقية تماما! و حدثت عام 2004 وليس قبل خمسين سنة ! و حدثت في أحد المستشفيات الكبرى في بوسطن و ليس في دولة من دول العالم الثالث ! ! و من قام بالعملية هو كبير الاستشاريين و ليس طبيبا حديث التخرج !!!!!


أما الأسباب فكانت كالتالي :



كبير الاستشاريين كان ذا شخصية متكبرة و يعامل الجميع بلا احترام ، لذلك كان الجميع يتجنب مناقشته أو الحديث معه .. و صادف أن تم تبديل الحالات بين غرف العمليات دون أن ينبهه أحد لذلك .. و ما زاد الطين بلة أن دخول هذه الفتاة للعمليات كان في فترة تبديل الدوام بين فترتي الصباح و المساء .. فدخل الفريق الجديد على اعتبار أن الحالة هي بتر الساق و ليس استئصال اللوزتين !!!




أليس ذلك عجيبا ؟


كانت المسئولية الجزائية في هذه الحالة من نصيب جميع الطاقم الطبي من ممرضين و تخدير و جراحة .. و تفاوتت العقوبات بين الخصم و الإيقاف عن مزاولة المهنة .
إذا أردنا تصنيف هذا الخطأ .. و هو خطأ عملي ..( كما وعدت بالحديث عن الأخطاء العملية ) .. فسيكون خطأ ماديا غير متعمد !و لكن سببه الإهمال ..
فالخطأ العملي هو عبارة عن إخلال واضح و صريح في بذل العناية المطلوبة و المستقر عليها علميا ..
و في حال وقوع الطبيب في هذا الخطأ فهو بالطبع مساءل عليه حتى لو كان الضرر بسيطا .و الخطأ غير المتعمد فد يكون خطأ ماديا أو مهنيا . فالخطأ المادي يتضمن نسيان الفوط و الأدوات الجراحية في بطن المريض .. أو مثل إجراء العمليات في الجزء السليم من الجسم بدلا من الجزء التالف . الخطأ المهني ( أو الفني ) قد يكون خطأ في التشخيص أو في العلاج .
أسباب الخطأ المهني :
الإهمال في بذل الرعاية المطلوبة .. أو القصور في المستوى العلمي للطبيب.و أستطيع أن أقول - من خلال عملي - أن هذا النوع من الأخطاء هو الأكثر شيوعا .. حتى و إن لم يشعر به المريض .. و الواقع أن نظام العمل في المستشفيات قد صمم بحيث أن يتم منع هذه الأخطاء عن طريق العمل كفريق .. فليس هناك طبيب واحد فقط مسئول عن المريض .. بل وحدة كاملة من الأطباء من مختلف المستويات علما و خبرة .و لكن للأسف الشديد حتى هذا النظام يفشل أحيانا بسبب القصور في المستوى العلمي .. لا أدري هل يصح أن أقول هذا ..لكنها الحقيقة .. فمثلا بعض أطباء الأشعة يفتقرون إلى الخبرة اللازمة .. و يتسببون بأخطاء في التشخيص و العلاج .. و بعض أطباء الباطنية يهملون معلومات بسيطة تكون سببا في تغيير التشخيص و العلاج ..و بعض الجراحين يتساهلون في أمور معينة و تكشف الأيام خطأ تصورهم .. و بعض .. و بعض .. و بعض ..
كل ما أخشاه أن يتحول هذا البعض إلى أغلبية أو أكثر ..
أخيرا بالنسبة للخطأ الطبي المتعمد .. فهو قيام الطبيب بأعمال ممنوعة قانونا مثل الأجهاض أو سرقة الأعضاء و غيرها . و طبعا هذه جرائم طبية و ليست مجرد أخطاء .
في النهاية أرجو أن تكونوا قد استفدتم من هذه المواضيع .. كما أرجو من الجميع أن لا ينسوا والدة الأخت زووز بالدعاء .. و لجميع مرضى المسلمين ..
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

07 مارس 2009

معضلة أخلاقية ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

كانت خطتي هي استكمال الحديث عن الأخطاء الطبية .. لكن قد استجد أمر أود مناقشته و سماع أرائكم ( أو بالأصح قراءتها ) حول معضلة أخلاقية .. تشغل تفكيري منذ الأسبوع الماضي .

طبعا تعلمون أن حفظ خصوصية المرضى و أسرارهم هو أمر مهم جدا و أساسي في عملنا كأطباء. لكن القصة تتعلق بشخص أدخل قبل فترة إلى المستشفى بحالة غيبوبة نتيجة جرعة زائدة من المخدرات . كنت من ضمن الأطباء الذين أشرفوا على علاجه . و قد تماثل للشفاء بحمد الله . هذا الشخص قد أصبح مؤخرا خطيبا لإحدى صديقاتي المقربات !!
هل يمكن أن أتطوع بالمعلومة عنه ؟ أم أتجاهل الأمر كليا ؟
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

02 مارس 2009

متى أقتل مريضا ؟

تجربتي مع الأخطاء الطبية


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




تراودني فكرة الكتابة عن الأخطاء الطبية منذ زمن ، غير أني لا أمتلك الخبرة الطبية الكافية للحديث عن هذا الموضوع بشكل يفي بالغرض. عموما سأحاول الحديث بشكل مبسط حسب الخبرة التي أمتلكها حول هذا الموضوع .تأخرت نسبيا في نشر هذا الموضوع لأني أمضيت وقتا طويلا في تحضيره , و قد استعنت بكتاب الوسيط في الطب و القانون - من تأليف الدكتور محمد خالد المشعان استشاري جراحة المسالك البولية بمستشفى الصباح - للوقوف على بعض المعلومات ، و الآراء القانونية و الشرعية . الواقع أن عملية البحث في الأخطاء الطبية عملية معقدة و تتضمن الكثير من المصطلحات القانونية ( الجافة ) بالنسبة لي . لكن سأحاول تبسيط الموضوع حسب فهمي له مع ضرب الأمثلة الواقعية التي عاصرتها لتوضيح بعض الأفكار . أفضل الحديث في فقرات منفصلة عن كل فكرة على حدة .. أعتقد أن هذه الطريقة تساهم في التركيز على توضيح الفكرة .




( 1 )



معلومة أساسية مهمة بالنسبة لممارسة العمل الطبي. فالقانون يطالب الطبيب ببذل الجهد اللازم لعلاج المريض و لا يحاسبه على النتيجة .فلو مات المريض مثلا رغم بذل كل الجهود المعروفة في هذه الحالة لمنع وفاته ..فإن القانون لا يحاسب الطبيب على التسبب في الوفاة .


( 2 )



هناك فكرة أساسية أعتقد أنها غائبة عن أذهان الكثير منا سواء أطباء أم مرضى . و هي الفرق بين المضاعفات الطبية و الأخطاء الطبية.



المضاعفات الطبية :



هي عملية حدوث بعض المشاكل الصحية بسبب علاج طبي. و هي لا تقع ضمن الأخطاء الطبية المتعارف عليها .مثلا من المعروف أنه من المحتمل في أي عملية جراحية حدوث نزيف أو التهاب بالجرح .. و أن علاج جلطة الشرايين التاجية قد يتسبب بنزيف في الدماغ .. و أن منظار الأشعة الملونة للجهاز الهضمي قد يسبب التهابا بالبنكرياس. و غير هذه من الأمور التي تصاحب علاج أية حالة مرضية . للأسف فإن العديد من الناس يجهلون أن هذه الأمور لا تعتبر من الأخطاء الطبية و أن حدوثها أمر وارد أثناء عملية العلاج. و أن الطبيب إذا بذل حهده في تقديم العلاج بالطرق الطبية المتعارف عليها و لم يقصر في أي مرحلة من العلاج .. ثم حدثت إحدى هذه المضاعفات ، فإنه ليست هناك مسئولية على عاتق الطبيب ، إلا في حالة التقصير في علاج هذه المضاعفات و تداركها .





وفي الواقع فإن غالبية القضايا التي ترفع بالمحاكم ضد الأطباء تكون بسبب المضاعفات و تنتهي القضية لصالح الطبيب ، لأن ذلك ليس خطأ طبيا بل من المضاعفات . لكن تقع المسئولية على الطبيب بالتوضيح و الشرح .. فيجب أن يكون المريض ملما بعملية العلاج و فوائدها و أضرارها و نسبة حدوث هذه الأضرار .




الأخطاء الطبية :




تتفق النظرة الشرعية و القانونية على تعريف الخطأ الطبي بأنه الضرر الناجم عن الجهل أو التقصير .فالطبيب يعتبر مسئولا عن الأضرار الناجمة عن علاجه للمريض في حالة جهله بعملية العلاج و مضاعفاتها . لأنه لا يفترض للطبيب أن يقدم علاجا دون معرفة تامة بفوائده و أضراره . و كيفية التصرف في حالة حدوث الأضرار . أو في حالة التقصير في أداء الواجب الطبي رغم معرفة الطبيب بضرورة القيام بإجراءات معينة .

( 3 )




الأخطاء الطبية تنقسم إلى أخطاء مرفقية و أخطاء شخصية .

الأخطاء المرفقية : تقع مسئوليتها على الدولة و المال العام . و تعني حدوث التقصير من جانب المؤسسة العلاجية كالمستشفى بسبب نظام العمل فيه ، كالنقص في الأجهزة أو الأدوية مثلا .


الأخطاء الشخصية : تقع مسئوليتها على الطبيب و تنقسم إلى أخطاء علمية و أخطاء عملية .و الخطأ العملي يقسم إلى خطأ متعمد و خطأ غير متعمد .

الأخطاء العلمية :

بشكل عام و إلى حد معين .. يكون الطبيب بمأمن من العقوبة إذا كان السبب في الضرر خطأ علميا . و ذلك بسبب توسع العلوم و تشعبها و اختلاف المدارس الطبية في الأراء الطبية . لأن العلوم الطبية مليئة بالمسائل التي لا تزال محل خلاف بين الأطباء. إلا أنه يجب التفريق بين اختلاف الآراء العلمية و بين الجهل . فعدم قدرة الطبيب على تشخيص الكسر مثلا في صورة الأشعة هو جهل كبير و ليس في محله .



الأخطاء العملية :

تنقسم مرة أخرى إلى أخطاء متعمدة و أخطاء غير متعمدة . شرح هذا النوع من الأخطاء طويل و متشعب و أفضل الحديث عنه في موضوع منفصل إن شاء الله .









( 4 )

قصة من مستشفى الأمراض الصدرية شهدتها شخصيا قبل سنوات .


أثناء مروري في ممر العيادات الخارجية سمعت أحد كبار السن و كان جالسا ينتظر دوره في الدخول .. سمعته يقول لمن حوله : " أنا مادري اسوي العملية هني و لا بره .. يقولون واحد دخل يبدل شرايين القلب .. قصوله ريله "!!


طبعا هذه الجملة تصلح كعنوان رئيس على الصفحات الأولى للصحف .. و لمن لا يملك خبرة طبية في عمليات تبديل شرايين القلب - عمليات القلب المفتوح - سيعتبر هذا جريمة طبية بكل المقاييس .. حتى من بين الأطباء غير المختصين . لكن من المعروف أنه هناك نسبة معينة تفشل فيها عملية تبديل الشرايين بسبب ضعف عضلة القلب أصلا .. و في هذه الحالات يتم دعم عضلة القلب بواسطة بالون يتم إدخاله من شريان الفخذ و دفعه حتى الوصول إلى الشريان الأبهر للمساعدة في ضخ الدم ..و أنه من المضاعفات المعروفة - و إن كانت نادرة- لعملية إدخال البالون هي تجلط شريان الفخذ و انقطاع الدم عن الرجل و بالتالي موتها و ضرورة بترها . الطريف أني كنت من المشاركين في علاج المريض المقصود بالحديث و كنت ملمة بكافة التفاصيل التي صاحبت عملية بتر ساقه بعد مرور عشرة أيام على عملية تبديل شرايين القلب التي خضع لها .. و هذا المريض أمضى فترة شهر في المستشفى تحت العلاج المكثف .. خرج بعدها إلى المنزل .

ما رأيكم في هذه القضية ؟ هل تعتقدون أنه هناك خطأ طبي في الموضوع ؟

كلا .. فما حدث هو مضاعفات معروفة نتيجة العملية و العلاج .

دمتم جميعا بخير

سيدة التنبيب









24 فبراير 2009

مبروك عيدك يا كويت

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


لطالما ارتبط شهر فبراير بالمناسبات الوطنية .. هو أجمل الشهور في وطننا .. فكأن الطبيعة تشارك الكويت أفراحها ..


عاما بعد عام .. نزداد حبا لهذه الأرض و فخرا بالانتماء لها .. لا تكفي الكلمات للتعبير .. و لا يمكن قياس المشاعر التي في القلوب ..


عندما نعيش الخير و الأمان و العز في هذه البلاد .. فعلينا أن لا ننسى أبدا ما قاساه من بنوها و أسسوها .. و كيف تحملوا مر العيش ليحافظوا عليها ..





تذكروا لي مشيتوا و الدنيا معكم رخية


تذكروا من بناها يوم الليالي عصية



د. عبدالله العتيبي







مبروك عيدج يا أغلى بلد .. دمتي لنا بخير و عز بظل آل الصباح الكرام



و دمتم جيعا بخير





سيدة التنبيب

10 فبراير 2009

طرائف من مستشفياتنا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


لنسترح قليلا من ( هم ) المستشفيات و العمل اليومي .. و لأترككم مع بعض المواقف المضحكة من مستشفياتنا ..

الحين الدكتور يطلع أخوها!


في العام الأول لتخرجي كنت أتدرب في قسم الباطنية في أحد المستشفيات ..حينما أدخلت خادمة هندية إلى الجناح بسبب آلام في الصدر. و نظرا لأنها كانت حديثة العهد بالكويت و لا تجيد اللغة العربية ( و الانجليزية بالطبع ) ، فقد كانت هناك مشكلة كبيرة في التعرف على شكواها بالضبط . و لم يكن هناك أحد لا من الممرضين و لا العاملين من يتكلم لغتها .. لأنه في الهند توجد مئات اللغات ليست متقاربة نهائيا !كانت فقط تشير إلى صدرها و تعاني من ضيق في التنفس.لكن جميع التحاليل و صور الأشعة كانت سليمة .في اليوم التالي - و لحسن الحظ - كان الاستشاري المسؤول عن المرور هنديا و يجيد لغتها ، فأخذ يسألها عن أعراضها و ما تعانيه .. انخرطت في البكاء .. و أخذت تتحدث معه من بين دموعها .. و هو يهز رأسه في أسى و ينظر إليها تارة .. و إلى الأرض تارة أخرى .. استمر ذلك لمدة ربع ساعة تقريبا و نحن وقوف ننتظر النتيجة .. ( هنود و تجابلوا بعد شيسكتهم ) ..في هذه الأثناء همس أحد الزملاء- و كان يقف خلفي - في أذني قائلا : أنا أعرف شراح يصير الحين . التفت إليه متسائلة فتابع : الحين الدكتور يطلع أخوها ! لم أتمالك نفسي من الضحك على إسقاطته ، فقد كان يعني أن منظرهما و هما يتحدثان و هي تبكي شبيه بالأفلام الهندية التي تنتهي بأن البطلين أخوان أو ما شابه !


في النهاية قال لنا الاستشاري الهندي بأن المريضة لا تعاني من شكوى عضوية .. هي فقط مكتئبة لفراقها أهلها .. و سنبقيها يومين للراحة تعود بعدها إما للمنزل حيث تعمل أو إلى المكتب لتسافر لبلدها .


إنت من قالك تشرب؟



هذه القصة ينطبق عليها المثل الذي يقول .. شر البلية ما يضحك . أدخل إلى المستشفى فتى كويتي في الثالثة عشرة من عمره بحالة غيبوبة اتضح بعدها أنها بسبب جرعة زائدة من الكحول ! تم علاجه و لكن المحقق و قسم العلاقات العامة بالمستشفى طلبوا بقاءه في المستشفى حتى ينتهي التحقيق في معرفة سبب شربه للكحول . المهم أنه في النهاية اتضح أن مصدر الكحول هو والده .. و هو سكير عريق ! كانت أمه مسكينة و مغلوبة على أمرها لا تدري كيف تتصرف . أثناء مرورنا عليه .. ( المرور التعليمي ) كان استشاري المرور كويتي حديث التخرج من كندا .. و أخذ يسألنا جميعا من طلبة و أطباء حول تسمم الكحول و كيفية علاجه و آثاره على جميع أجهزة الجسم على المدى القريب و البعيد .. و استمر النقاش العلمي لمدة ساعة تقريبا ( شقنا فيها شق من الأسئلة ) و تشعب الحديث لكثير من الجوانب الأخرى المتعلقة بالحالة .. بصراحة تعبنا من الوقوف و لم تعد لدينا القدرة على الاستيعاب .. فما كان من أحد الأطباء إلا أن توجه بالسؤال إلى الولد قائلا : إنت من قالك تشرب ؟ يقصد أنه لو لم يشرب الولد و يأتي للمستشفى لما حدث كل هذا النقاش :)





و احنا نقول حرام مسكينة !

أدخلت سيدة كويتية في منتصف العمر إلى المستشفى و كانت في حالة غيبوبة و درجة حرارتها منخفضة جدا . قالت لنا ابنتها أن آخر عهدها بها عصر اليوم السابق و كانت حالتها طبيعية .. أما ظهر اليوم فقد زارتها لتجدها على الأرض بلا استجابة فطلبت الإسعاف . ثم أخبرتنا أن والدتها تعاني من قصور بالغدة الدرقية .. و هي ليست متأكدة ما إذا كانت أمها ملتزمة بتناول الدواء. جرى تفكيرنا ناحية غيبوبة كسل الغدة الدرقية .. خاصة أن درجة حرارتها كانت منخفضة . شعر الجميع بالتعاطف معها .. امرأة وحيدة في المنزل .. تتعرض لغيبوبة بسبب الغدة و عدم تناول الدواء . لا أنه في اليوم التالي جاءت تحاليل المختبر لتصيبنا بالصدمة .. سبب الغيبوبة هو شرب الكحول ! أخذ كل منا يبحث عن الآخر فقط ليخبره .. ( طلعت تشرب ) ؟ .. علقت زميلتي قائلة : و احنا نقول حرام مسكينة .. لو أدري جان مصحيتها بطراقات !!
دمتم بخير
سيدة التنبيب

03 فبراير 2009

أيها الأطباء المعقدون!!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته





أخيرا سيكون هناك هجوم على الأطباء .. بصراحة لا أدري كيف أرتب أفكاري و أسلسلها حتى تصل الفكرة التي أريد . قد أواجه بالاتهام بأني أنا المعقدة و ما أفعله هو إسقاط عقدي على غيري . ربما .. نحن لسنا مجتمعا من الملائكة أو المعصومين حتى يكون كلامنا خاليا من الأخطاء .. لكني أحاول توضيح آثار العقد هذه على سير العمل لدينا .. لأن مجتمع المستشفى يعتمد بشكل كبير على العلاقات الإنسانية بين جميع العاملين . مجتمع المستشفى يتطلب العمل بروح الفريق الواحد من جميع الأقسام، و ليس العمل بروح المنافسة .و إذا كان هناك انتقاد ما فيجب أن يكون بناءا بهدف الإصلاح , و ليس لتسفيه الغير و الانتقاص من شأنهم .










قررت ترتيب الفقرات حسب ( العقدة ) التي أراها .. لأنه لا يمكن التعميم على أي تخصص أو مركز معين ..








جنون العظمة !




و أقصد بها الحالة التي تنتاب بعض الأطباء عند حصولهم على مؤهل أو مركز متميز ..فتراه يتصرف و كأنه الوحيد الذي وصل لهذه المكانة .يعطي لنفسه أهمية قصوى و لا يحترم آراء غيره . غير أن هناك بعضا من الأطباء ممن يتصفون بهذه الصفة منذ اليوم الأول لتخرجهم .. و ربما تكون هذه عقدة خاصة بهم لا علاقة لها بالطب . فهم سيتصرفون نفس التصرفات أيا كانت وظيقتهم .كنت طالبة في السنة النهائية من الدراسة عندما صادفتني طبيبة اعتقدت أنها مسئولة الوحدة التي أتدرب فيها بسبب طريقة معاملتها للجميع من أطباء و ممرضين وأهالي المرضى و حتى نحن الطلبة .كان هناك طبيب حديث التخرج من متفوفي كليتنا من ضمن هذه الوحدة وكان مثالا ممتازا للطبيب المواظب الملتزم مهنيا و أخلاقيا .كانت هذه الطبيبة تحدثه بطريقة غير لائقة و كنا نلتمس لها العذر أنها ليست من كليتنا و لا تعرف قيمة هذه الطبيب. حدث موقف أثناء الخفارة عرفنا منه مستوى هذه الطبيبة المهني .. طلب منها استشاري الوحدة أن تعاين حالة تنتظر في قسم الحوادث فرفضت .. فما كان منه إلا أن بدأ بتوبيخ الجميع قائلا : كيف ستصبحون أطباءا تحملون مسئولية المرضى إذا كانت أصغر طبيبة في الوحدة لا تمتثل لأوامر رئيس الوحدة ؟ عرفنا أنها طبيبة متدربة لم يمض على تخرجها سوى ستة أشهر ! و مع ذلك فقد كانت تتصرف كأنها أكبر مسئولة في الوحدة . عندما كان أهالي المرضى يرغبون بالسؤال عن حالة المريض فقد كانت تتطوع أن تجيبهم نيابة عن الجميع ، غير أنها لم تكن تحسن التعامل معهم .. كانت تعتبر التعامل معهم عبئا على الأطباء و إنها بشخصيتها و أسلوبها ( قاعدة تفكنا منهم ) ! لقد تعلمت من طريقة معاملتها لهم أنني يجب أن لا أتصرف مثلها عندما أتخرج و تكون لي علاقات مع أهالي المرضى .






من أشهر التخصصات التي يعاني أطباؤها من هذه العقدة - كما أعتقد - هما تخصصا القلب و جراحة التجميل .فقد لاحظت أن الكثير من أطباء القلب في مستشفياتنا المختلفة و كذلك في الخارج يتصرفون كأنه لم يتخصص أحد في طب القلب سواهم .بل إن هذه الفكرة تستولي على عقول الكثير من الأطباء الذين يرون أن أطباء القلب مصابون بجنون العظمة و يتصرفون على هذا الأساس . طبعا ليس الكل لكنني أعتقد أن غالبية أطباء القلب هكذا .أعرف طبيب قلب بارع جدا في عمله و يتحدث دائما بأسلوب علمي منطقي .. إلا أنه لا يستمع لآراء غيره من أطباء التخصصات الأخرى .. و يقوم بإهانتهم و إهانة الكادر التمريضي ..عندما يطلب منه الكشف على حالة مريض ما و يتضح له أن المرض لا علاقة له بالقلب .. حيث يتهمهم بالجهل و الغباء و إضاعة وقته . كان العديد من الأطباء في أقسام المستشفى المختلفة يسمونه ( الطاووس الكندي )، لأنه من أوائل الأطباء الذين عادوا من كندا في التسعينيات و هو يحمل أفكارا جديدة و أسلوب عمل مختلف . إلا أن أسلوب تعامله مع الجميع هو ما يجعل الناس ينفرون منه .


طبيب قلب آخر في مستشفى آخر كان يتصرف بنفس الطريقة . منذ أيام الدراسة عندما كنا نجلس في غرفة الاجتماعات لمناقشة الحالات مع الأطباء .. كان لا يقبل بأن يجلس أحد على كرسيه ! رغم أن الغرفة ليست مخصصة لأي قسم بل هي لجميع الأقسام .و عندما كان يحضر متأخرا و يجد أحدا يجلس على ذلك الكرسي كان يطلب منه النهوض و الجلوس على كرسي آخر ! بعد التخرج صادفته في أحد الأيام حيث كان أحد أقربائي يعاني من مرض في القلب .. و كنت أتدرب في نفس المستشفى فذهبت للاطمئنان عليه , وجدت ذلك الطبيب فقررت أن أسأله عن حالة قريبي لكنني رأيته يتحدث مع طبيب آخر عن قريبي و يقول : زفيت أهله عدل .. ولده يقول بنوديه لندن قلت له يلا ييب طيارة ووده لندن ! عندها تراجعت مكتفية بإلقاء نظرة على الملف و قراءة الملاحظات و التقارير .






جراحو التجميل أيضا لهم نصيب كبير من هذه العقدة . الواقع إن شخصية جراح التجميل شخصية مممتعة للتحليل .فهو لديه مزيج من الذكاء الخارق و روح الخيال و الجرأة و الدقة في العمل . و هو خليط ممتاز يفترض بأن يجعل الشخصية محبوبة للغاية . و جراحو التجميل أيضا في الكويت و الخارج- ممن عملت معهم - يجعلون العمل ممتعا إذا تم كل شئ كما يريدون .و بعضهم يبذل الجهد و الوقت ليكون جميع من يعمل معهم مدركا للطريقة التي يجب أن يكون عليها نظام العمل .أما غالبيتهم فهم ممن يكتفون بالصراخ و الانتقاد و ( تسميم دم ) كل من معهم دون أن يشرحوا ماذا يريدون و كيف يجب أن يكون نظام العمل .أحد هؤلاء الجراحين كنت أسمع عنه قبل عودته من الخارج .. كان أفراد هيئة التمريض يتحدثون عنه في شهر مايو .. و أنه سيعود للعمل في الكويت في سبتمبر .. و كيف يجب أن يتعاملوا معه ! ( يزهبون الدوا قبل الفلعة ) من شدة ضيقهم به و بطريقة عمله . التقيت به فيما بعد أثناء أحد المؤتمرات و لمست فيه شخصية قيادية من الدرجة الأولى .. لكن تعود نفس المشكلة للظهور و هي عدم احترامه للغير و بالتالي نفور الناس منه .
إن عملية فهمنا للاختلافات الشخصية مهمة جدا لتفادي التصادم .. مما يصب في مصلحة العمل .بالنسبة لي إذا كان الطبيب أو الطبيبة بارعا مخلصا في عمله .. لديه القدرة على اتخاذ القرارات و تحمل نتائجها بالنسبة لعلاج المرضى .. فهذا كل ما أريد .. عندها أقوم بالتغاضي عن كثير من التصرفات التي قد تضايق البعض و تؤثر على علاقات الزمالة بينهم .
و دمتم
سيدة التنبيب