رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

27 مارس 2009

جننت !

السلام عليكم جميعا و رحمة الله و بركاته ..

انقطعت لفترة- أسبوعين ربما -عن التدوين و متابعة المدونات ..لقد أصبحت على مشارف الجنون من مسئوليات العمل و البيت و الامتحانات ..أترككم مع هذه الأبيات ، مع الاعتذار عن ركاكتها اللغوية ، على أمل اللقاء قريبا مع مواضيع جديدة بإذن الله ..


لا زالت بي ذرات عقل تمنعني من الصراخ و تمزيق الملابس
فالطب أضحى جنونا ينتابني و إلا فهو شك و قهر الوساوس
فهل إلا للجنون نهايتي لله در من يرحم البائس
أنا الذي ضاعت سنين عمره هما فصار دوما عابس !
دمتم جميعا بخير



سيدة التنبيب

13 مارس 2009

هل قتلت مريضا؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..


نكمل اليوم حديثنا عن الأخطاء الطبية , و أود بداية أن أشير إلى حادثة تتعلق بخطأ طبي فادح .قبل سنوات .. التحقت بدورة تدريبية لصغار الأطباء في دولة أوروبية تتعلق بالأخطاء الطبية .. كيفية حدوثها .. و تلافيها . المحاضر المسئول حكى لنا حكاية ثم سألنا ثلاثة أسئلة حولها ..


كانت الحكاية كالتالي :


فتاة تبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة أدخلت إلى غرفة العمليات لاستئصال اللوزتين .. بعد العملية و في غرفة الإفاقة عندما بدأ تأثير المخدر بالزوال .. أفاقت دون أن تشعر بأي ألم في بلعومها رغم أن الطبيب قد نبهها بأن الألم سيكون شديدا .. بعد لحظات انتبهت أن قدمها اليمنى مضمدة .. و بدأت تشعر بألم فيها , نادت الممرضة مستفسرة عن الموضوع فإذا بالممرضة تخبرها بأنهم قد بتروا قدمها اليمنى من الكاحل !!

انتهت الحكاية ..


و كانت الأسئلة كالتالي:




أولا : هل تعتقدون أن هذه الحكاية حقيقية ؟


ثانيا : إن كانت حقيقية .. فأين و متى من الممكن أن تحدث ؟


ثالثا : ماهي الأسباب التي من الممكن أن تؤدي لحصول مثل هذا الأمر ؟


هنا انقسم الأطباء الحاضرون إلى فريقين .. الفريق الأول - و كنت من ضمنه - قد نفى تماما أن تكون هذه الحادثة حقيقية .. و رفضنا الإجابة عن السؤالين الثاني و الثالث . أما الفريق الآخر فقد أقر بإمكانية حدوث هذا الخطأ .. و أنه من الممكن أن يحدث ذلك في دولة من دول العالم الثالث .. أو في دول العالم المتقدم و لكن قبل خمسين أو ستين سنة . و طبقا لما يعتقدون فإن من الأسباب التى من الممكن أن تؤدي لهذا الأمر .. أن الجراح الذي قام بالعملية هو جراح حديث التخرج .

بعد انتهاءالنقاش نظر إلينا المحاضر و قال :


هذه الحكاية حقيقية تماما! و حدثت عام 2004 وليس قبل خمسين سنة ! و حدثت في أحد المستشفيات الكبرى في بوسطن و ليس في دولة من دول العالم الثالث ! ! و من قام بالعملية هو كبير الاستشاريين و ليس طبيبا حديث التخرج !!!!!


أما الأسباب فكانت كالتالي :



كبير الاستشاريين كان ذا شخصية متكبرة و يعامل الجميع بلا احترام ، لذلك كان الجميع يتجنب مناقشته أو الحديث معه .. و صادف أن تم تبديل الحالات بين غرف العمليات دون أن ينبهه أحد لذلك .. و ما زاد الطين بلة أن دخول هذه الفتاة للعمليات كان في فترة تبديل الدوام بين فترتي الصباح و المساء .. فدخل الفريق الجديد على اعتبار أن الحالة هي بتر الساق و ليس استئصال اللوزتين !!!




أليس ذلك عجيبا ؟


كانت المسئولية الجزائية في هذه الحالة من نصيب جميع الطاقم الطبي من ممرضين و تخدير و جراحة .. و تفاوتت العقوبات بين الخصم و الإيقاف عن مزاولة المهنة .
إذا أردنا تصنيف هذا الخطأ .. و هو خطأ عملي ..( كما وعدت بالحديث عن الأخطاء العملية ) .. فسيكون خطأ ماديا غير متعمد !و لكن سببه الإهمال ..
فالخطأ العملي هو عبارة عن إخلال واضح و صريح في بذل العناية المطلوبة و المستقر عليها علميا ..
و في حال وقوع الطبيب في هذا الخطأ فهو بالطبع مساءل عليه حتى لو كان الضرر بسيطا .و الخطأ غير المتعمد فد يكون خطأ ماديا أو مهنيا . فالخطأ المادي يتضمن نسيان الفوط و الأدوات الجراحية في بطن المريض .. أو مثل إجراء العمليات في الجزء السليم من الجسم بدلا من الجزء التالف . الخطأ المهني ( أو الفني ) قد يكون خطأ في التشخيص أو في العلاج .
أسباب الخطأ المهني :
الإهمال في بذل الرعاية المطلوبة .. أو القصور في المستوى العلمي للطبيب.و أستطيع أن أقول - من خلال عملي - أن هذا النوع من الأخطاء هو الأكثر شيوعا .. حتى و إن لم يشعر به المريض .. و الواقع أن نظام العمل في المستشفيات قد صمم بحيث أن يتم منع هذه الأخطاء عن طريق العمل كفريق .. فليس هناك طبيب واحد فقط مسئول عن المريض .. بل وحدة كاملة من الأطباء من مختلف المستويات علما و خبرة .و لكن للأسف الشديد حتى هذا النظام يفشل أحيانا بسبب القصور في المستوى العلمي .. لا أدري هل يصح أن أقول هذا ..لكنها الحقيقة .. فمثلا بعض أطباء الأشعة يفتقرون إلى الخبرة اللازمة .. و يتسببون بأخطاء في التشخيص و العلاج .. و بعض أطباء الباطنية يهملون معلومات بسيطة تكون سببا في تغيير التشخيص و العلاج ..و بعض الجراحين يتساهلون في أمور معينة و تكشف الأيام خطأ تصورهم .. و بعض .. و بعض .. و بعض ..
كل ما أخشاه أن يتحول هذا البعض إلى أغلبية أو أكثر ..
أخيرا بالنسبة للخطأ الطبي المتعمد .. فهو قيام الطبيب بأعمال ممنوعة قانونا مثل الأجهاض أو سرقة الأعضاء و غيرها . و طبعا هذه جرائم طبية و ليست مجرد أخطاء .
في النهاية أرجو أن تكونوا قد استفدتم من هذه المواضيع .. كما أرجو من الجميع أن لا ينسوا والدة الأخت زووز بالدعاء .. و لجميع مرضى المسلمين ..
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

07 مارس 2009

معضلة أخلاقية ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

كانت خطتي هي استكمال الحديث عن الأخطاء الطبية .. لكن قد استجد أمر أود مناقشته و سماع أرائكم ( أو بالأصح قراءتها ) حول معضلة أخلاقية .. تشغل تفكيري منذ الأسبوع الماضي .

طبعا تعلمون أن حفظ خصوصية المرضى و أسرارهم هو أمر مهم جدا و أساسي في عملنا كأطباء. لكن القصة تتعلق بشخص أدخل قبل فترة إلى المستشفى بحالة غيبوبة نتيجة جرعة زائدة من المخدرات . كنت من ضمن الأطباء الذين أشرفوا على علاجه . و قد تماثل للشفاء بحمد الله . هذا الشخص قد أصبح مؤخرا خطيبا لإحدى صديقاتي المقربات !!
هل يمكن أن أتطوع بالمعلومة عنه ؟ أم أتجاهل الأمر كليا ؟
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب

02 مارس 2009

متى أقتل مريضا ؟

تجربتي مع الأخطاء الطبية


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




تراودني فكرة الكتابة عن الأخطاء الطبية منذ زمن ، غير أني لا أمتلك الخبرة الطبية الكافية للحديث عن هذا الموضوع بشكل يفي بالغرض. عموما سأحاول الحديث بشكل مبسط حسب الخبرة التي أمتلكها حول هذا الموضوع .تأخرت نسبيا في نشر هذا الموضوع لأني أمضيت وقتا طويلا في تحضيره , و قد استعنت بكتاب الوسيط في الطب و القانون - من تأليف الدكتور محمد خالد المشعان استشاري جراحة المسالك البولية بمستشفى الصباح - للوقوف على بعض المعلومات ، و الآراء القانونية و الشرعية . الواقع أن عملية البحث في الأخطاء الطبية عملية معقدة و تتضمن الكثير من المصطلحات القانونية ( الجافة ) بالنسبة لي . لكن سأحاول تبسيط الموضوع حسب فهمي له مع ضرب الأمثلة الواقعية التي عاصرتها لتوضيح بعض الأفكار . أفضل الحديث في فقرات منفصلة عن كل فكرة على حدة .. أعتقد أن هذه الطريقة تساهم في التركيز على توضيح الفكرة .




( 1 )



معلومة أساسية مهمة بالنسبة لممارسة العمل الطبي. فالقانون يطالب الطبيب ببذل الجهد اللازم لعلاج المريض و لا يحاسبه على النتيجة .فلو مات المريض مثلا رغم بذل كل الجهود المعروفة في هذه الحالة لمنع وفاته ..فإن القانون لا يحاسب الطبيب على التسبب في الوفاة .


( 2 )



هناك فكرة أساسية أعتقد أنها غائبة عن أذهان الكثير منا سواء أطباء أم مرضى . و هي الفرق بين المضاعفات الطبية و الأخطاء الطبية.



المضاعفات الطبية :



هي عملية حدوث بعض المشاكل الصحية بسبب علاج طبي. و هي لا تقع ضمن الأخطاء الطبية المتعارف عليها .مثلا من المعروف أنه من المحتمل في أي عملية جراحية حدوث نزيف أو التهاب بالجرح .. و أن علاج جلطة الشرايين التاجية قد يتسبب بنزيف في الدماغ .. و أن منظار الأشعة الملونة للجهاز الهضمي قد يسبب التهابا بالبنكرياس. و غير هذه من الأمور التي تصاحب علاج أية حالة مرضية . للأسف فإن العديد من الناس يجهلون أن هذه الأمور لا تعتبر من الأخطاء الطبية و أن حدوثها أمر وارد أثناء عملية العلاج. و أن الطبيب إذا بذل حهده في تقديم العلاج بالطرق الطبية المتعارف عليها و لم يقصر في أي مرحلة من العلاج .. ثم حدثت إحدى هذه المضاعفات ، فإنه ليست هناك مسئولية على عاتق الطبيب ، إلا في حالة التقصير في علاج هذه المضاعفات و تداركها .





وفي الواقع فإن غالبية القضايا التي ترفع بالمحاكم ضد الأطباء تكون بسبب المضاعفات و تنتهي القضية لصالح الطبيب ، لأن ذلك ليس خطأ طبيا بل من المضاعفات . لكن تقع المسئولية على الطبيب بالتوضيح و الشرح .. فيجب أن يكون المريض ملما بعملية العلاج و فوائدها و أضرارها و نسبة حدوث هذه الأضرار .




الأخطاء الطبية :




تتفق النظرة الشرعية و القانونية على تعريف الخطأ الطبي بأنه الضرر الناجم عن الجهل أو التقصير .فالطبيب يعتبر مسئولا عن الأضرار الناجمة عن علاجه للمريض في حالة جهله بعملية العلاج و مضاعفاتها . لأنه لا يفترض للطبيب أن يقدم علاجا دون معرفة تامة بفوائده و أضراره . و كيفية التصرف في حالة حدوث الأضرار . أو في حالة التقصير في أداء الواجب الطبي رغم معرفة الطبيب بضرورة القيام بإجراءات معينة .

( 3 )




الأخطاء الطبية تنقسم إلى أخطاء مرفقية و أخطاء شخصية .

الأخطاء المرفقية : تقع مسئوليتها على الدولة و المال العام . و تعني حدوث التقصير من جانب المؤسسة العلاجية كالمستشفى بسبب نظام العمل فيه ، كالنقص في الأجهزة أو الأدوية مثلا .


الأخطاء الشخصية : تقع مسئوليتها على الطبيب و تنقسم إلى أخطاء علمية و أخطاء عملية .و الخطأ العملي يقسم إلى خطأ متعمد و خطأ غير متعمد .

الأخطاء العلمية :

بشكل عام و إلى حد معين .. يكون الطبيب بمأمن من العقوبة إذا كان السبب في الضرر خطأ علميا . و ذلك بسبب توسع العلوم و تشعبها و اختلاف المدارس الطبية في الأراء الطبية . لأن العلوم الطبية مليئة بالمسائل التي لا تزال محل خلاف بين الأطباء. إلا أنه يجب التفريق بين اختلاف الآراء العلمية و بين الجهل . فعدم قدرة الطبيب على تشخيص الكسر مثلا في صورة الأشعة هو جهل كبير و ليس في محله .



الأخطاء العملية :

تنقسم مرة أخرى إلى أخطاء متعمدة و أخطاء غير متعمدة . شرح هذا النوع من الأخطاء طويل و متشعب و أفضل الحديث عنه في موضوع منفصل إن شاء الله .









( 4 )

قصة من مستشفى الأمراض الصدرية شهدتها شخصيا قبل سنوات .


أثناء مروري في ممر العيادات الخارجية سمعت أحد كبار السن و كان جالسا ينتظر دوره في الدخول .. سمعته يقول لمن حوله : " أنا مادري اسوي العملية هني و لا بره .. يقولون واحد دخل يبدل شرايين القلب .. قصوله ريله "!!


طبعا هذه الجملة تصلح كعنوان رئيس على الصفحات الأولى للصحف .. و لمن لا يملك خبرة طبية في عمليات تبديل شرايين القلب - عمليات القلب المفتوح - سيعتبر هذا جريمة طبية بكل المقاييس .. حتى من بين الأطباء غير المختصين . لكن من المعروف أنه هناك نسبة معينة تفشل فيها عملية تبديل الشرايين بسبب ضعف عضلة القلب أصلا .. و في هذه الحالات يتم دعم عضلة القلب بواسطة بالون يتم إدخاله من شريان الفخذ و دفعه حتى الوصول إلى الشريان الأبهر للمساعدة في ضخ الدم ..و أنه من المضاعفات المعروفة - و إن كانت نادرة- لعملية إدخال البالون هي تجلط شريان الفخذ و انقطاع الدم عن الرجل و بالتالي موتها و ضرورة بترها . الطريف أني كنت من المشاركين في علاج المريض المقصود بالحديث و كنت ملمة بكافة التفاصيل التي صاحبت عملية بتر ساقه بعد مرور عشرة أيام على عملية تبديل شرايين القلب التي خضع لها .. و هذا المريض أمضى فترة شهر في المستشفى تحت العلاج المكثف .. خرج بعدها إلى المنزل .

ما رأيكم في هذه القضية ؟ هل تعتقدون أنه هناك خطأ طبي في الموضوع ؟

كلا .. فما حدث هو مضاعفات معروفة نتيجة العملية و العلاج .

دمتم جميعا بخير

سيدة التنبيب