رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

24 أبريل 2009

ساعة .. مع القمر .

مأساة أسرة .. في مصرع العباس ( ع )
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
هناك مناسبة - سأذكرها في ذيل المقالة - جعلتني أدون هذه المرة حول قصة استشهاد سيدنا العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يوم العاشر من محرم عام واحد و ستين للهجرة . فبالنظر لقصص استشهاد كل أبطال كربلاء ذلك اليوم .. نجد أنهم قد قتلوا لمبدأ الدفاع عن الإمام الحسين عليه السلام ..أي أنهم خرجوا بإرادتهم إلى الموت . أما العباس .. فقد كان وضعه مختلفا .. فخروجه كان لطلب الماء لأطفال المخيم العطاشى . لم يسمح له الإمام الحسين بالخروج للقتال رغم إلحاحه في الطلب .. سمح له بالخروج فقط طلبا للماء . و بالنسبة لكل من كان في مخيم الإمام الحسين ذلك اليوم .. فقد كان وجود الحسين و العباس ضمانا للأمان رغم استشهاد الجميع . و حتى بالنسبة للإمام الحسين .. كان وجود العباس درعا واقيا له . و لم يكن عبثا أو مصادفة أن يكون هو حامل اللواء .. فبقاء راية الحسين مرتفعة بيد العباس في كربلاء رغم فقده كل رجاله ، كان رمزا كبيرا لمدى الحصانة التي يوفرها العباس لمخيم الإمام الحسين . كان هو الأمل الأخير لهم .. هو حصنهم الحصين و بطلهم المغوار .. هو الساقي و حامل اللواء. و تربص الأعداء بالحسين و أخيه رغم انعدام القوة العسكرية - من الناحية النظرية - لجيش الإمام الإمام الحسين بمقتل الجميع و بقاء الحسين وحيدا هو و أخيه .. أقول إن تربص الأعداء بهما رغم كل ذلك دليل عظيم على القيمة التي يوفرها وجود العباس لعائلته . و لذلك عبر الإمام الحسين عليه السلام عن فقد أخيه بمصطلح انكسار الظهر .. فقد كان العباس قوام نهضة الحسين ضد الظلم و الاستبداد اليزيدي .و لهذا أيضا كانت مصيبة النساء و الأطفال عظيمة بفقد العباس .. فقد انهار سورهم فجأة و شعروا بمعنى فقد الولي المسئول ..و تضاعف هذا الشعور باستشهاد الإمام الحسين , ليجد الجميع أنفسهم فجأة في مواجهة جيش من المجرمين و المرتزقة .
*******
( فلاح مات مات .. مات فلاح يا يمه )
مررت في حياتي المهنية بعدد من حوادث الوفيات .. و شاهدت كيف يتفاعل الأهل مع فقد مريضهم . لكنها حادثة واحدة فقط ، لا تزال منطبعة أمامي و لا أستطيع نسيان شخوصها أبدا . كان شابا في الرابعة و العشرين من عمره من إخواننا البدون .. غير متزوج و يعيل أما و أختا في التاسعة عشر بعد وفاة والده بالمرض الخبيث .. أدخل فلاح إلى المستشفى بآلام حادة في البطن تطلبت عملية جراحية عاجلة اتضح خلالها وجود ورم كبير ملتصق بجدار البطن و منفجر من الناحية الداخلية مما سبب الآلام .. و جاء تحليل المختبر- أثناء العملية - بأن الورم خبيث و لا يمكن تحديد مصدره بسبب تقدم الحالة .. قام الجراحون باستئصاله مع جزء كبير من جدار البطن .. و ترك البطن مفتوحا على أن يقوم جراحو التجميل بترقيع جدار البطن باستخدام أجزاء من عضلة الفخذ لاحقا بعد استقرار الحالة .لكن حالة فلاح تدهورت وتوفي بعد مرور عشرة أيام كان يرقد خلالها في العناية المركزة . خلال هذه الفترة كنت أتحدث مع أمه و أخته .. و عرفت القيمة التي يمثلها فلاح لهما , فهو رجلهم الوحيد .. و كان يقف في وجه اثنين من أعمامه .. أحدهما يريد الزواج من أم فلاح .. و الآخر يريد تزويج أخت فلاح لابنه ! و كان يعاني من آلام في ظهره و بطنه على مدى الشهور الستة الماضية ، دون أن يستشير طبيبا ..
لا أستطيع نسيان صوت أخته .. حينما كانت تبكي و تندبه ، بعد إبلاغهما بوفاته .. و هي تقول : فلاح مات مات .. مات فلاح يا يمه .. أما أمه التي أحضرت لها كرسيا جلست عليه .. فقد كانت متسمرة بلا حركة و لا صوت .. فقط تنظر إلى الأرض بصمت أبلغ من أي كلام ..
في تلك اللحظة عرفت معنى أن تفقد النساء رجلا .. وأن تبقى بلا معين في وجه أشرار مجرمين . لست أقصد تشبيه الموقف بقصة استشهاد العباس عليه السلام .. لكنها مأساة أسرة .. تتكرر يوميا و على مدى الأزمان .. جسدتها أسرة الحسين عليه السلام في كربلاء.
عباس عسى عيوني العما و لا شوفك
مفضوخ راسك طايرات كفوفك
عباس يالما ينسي معروفك
و دمتم
سيدة التنبيب

هناك 17 تعليقًا:

علي يقول...

اتذكر جيدا كلمات الشاعر عبدالشهيد الثور من البحرين حين نظم تلك القصيدة الخالدة:
يا بو فاضل بين إعداي تتركني

وكيف كنت امشي مع الموكب وأنا اتمعن في الكلمات التي كانت تحفر المحاجر وتخرج الدموع الجامدة هناك ..
وكيف كان يصف حال السيدة زينب (ع) حين جلست ليلة العاشر تودع أخاها وتتزود منه ..
أخذت تسترجع بعض الذكريات الطفولية مع حبيبها أخيها الحسين وأخيها ابا الفضل ..
يحسين أريدك تقعد بهالساعة وياي
أتذكر ايام الصبا وايامي وياك
أذكر طفولتنا وحنانك خويه يحسين
وأذكر إذا تالي صرت في ولية اعداك
..

Safeed يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Safeed يقول...

أحيانا اتساءل .. لماذا هذا الفداء العظيم؟
لماذا كانت مشيئة الله سبحانه و تعالى أن تكون كربلاء بهذه الصورة ؟ بهذه الوحشية ؟ بهذه المآسي المتقاطرة ؟

عند أقرب مصيبة .. تسقط هذه الأسئلة لتظهر الإجابة ..

جعل الله لنا في كل شيء أمثولة ، لم يأمرنا بشيء و لم يضع لنا قدوة نقتدي بها في هذا الامر ..

هكذا كانت و مازالت مأساة كربلاء ، نموذج نستلهم منه العِبر في كل مواقف الحياة و أصعبها ، و لا أصعب من الحزن فيها..

فقد الأب ، فقد الأم ، فقد الابن ، العطش ، الجوع ، الحر ، السبي ، فقد الزوجة ، فقد الزوج ، فقد اليتامى .. أبناء العم .. الأصحاب .. الوحدة .. إلخ .. كلها تواجدت في تلك الساعات الأليمة .

هي وحدها التي تنسي الإنسان (رزاياه) الحادثة و القادمة ..

..

مرت عليّ حادثة شبيهة بحادثة أم فلاح ، كان أحد أقربائي قبل سنتين ..
على ضوء المكالمة وصلت للمستشفى ، أقرا القصة و أستذكر ما رأيت كأنه يحدث أمامي .. كانت الأم جالسة على الكرسي و تنظر للأرض بصمت .. و أخوات المتوفي حولها يندبون !

لولم تكن هناك مصيبة تعلمنا الصبر غير الحسين (ع) .. ماذا سيكون حالنا؟

وحدها تلك المصيبة تعطي القوة للإنسان لأن يستمر ..

Yin مدام يقول...

سلام الله على شهداء كربلاء وأبطاله ..

رحم الله فلاح ووالده وأمواتكم وأموات المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات


على كثر ما يتكلمون عن المساواة ودور المرأة ... لا يستطيعون إنكار معنى وجود الرجل وهو الظهر والسند والأب والأخ والإبن ...

وسفيد ما بعد كلامه تعقيب بصراحة

الله يعينكم على الأحداث والمواقف التي تشهدونها في مجال عملكم اليومي


يعطيج العافية وعسى ربي يقويج
..

الفيدرالي يقول...

أختي العزيزة

بارك الله فيك

و سلمت يداك الطاهرة على هذا الموضوع

نستلهم كل الدروس و العبر في الشجاعة و الإباء و التضحية من الإمام الحسين عليه السلام و أهل بيته صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين

أما بخصوص موضوع فلاح و فقده
رحمة الله عليه و نسأل لله عز وجل أن يتقبله مع الصالحين و أن يلهم أهله الصبر و السلوان

الله يطول بأعماركم و أعمار المؤمنين يارب

تحياتي لك

Salah يقول...

قطعتي قلوبنا يا دكتورة

a7mad Nabeel يقول...

السلام عليكم
دكتورة هالموضوع مؤثر و الربط بين كربلاء و المشهد اللي تفضلتي بذكره
واقعي
لان احيانا نشوف ومضات من ملحمة كربلاء في حياتنا
كربلاء خلقت منارات بحياتنا
شنو احنا و شنو كانت حياتنا لو لم تكن كربلاء ؟
كربلاء علمتنا نضحي عشان هدف
كربلاء علمتنا نصبر على البلاء


دكتورة الله يعطيج العافية على الموضوع الرائع ... مو غريبة عنج المواضيع الهادفة

السلام على الحسين و على اخيه ابو الفضل العباس و على عطاشى كربلاء

Dr. Ali Maarafi يقول...

كربلاء واقعة نستلهم منها العطاء
سلام الله على قمر العشيرة

الله يتغمد فلاح بواسع رحمته و يسكن فسيح جناته , والله يصبر اهله
هينئا لهم ابنا بارا غادر الحياة و ترك ارث السمعة الطيبة بين ناسه

بو محمد يقول...

دكتورتنا العزيزة
مقالة تقطع القلوب حقيقة
بالنسبة للجزء الخاص بأبي الفضل العباس عليه السلام
أقول
من مثلي لا يملك القدرة على استخدام الكلام لوصف عظمة ما قام به العباس عليه السلام في مسيرة حياته و خاصة في كربلاء، فأنا أقف عاجزا عن توجيه نعت من عاش في كنف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و يكفي ما قاله الإمام زين العابدين عليه السلام في حقه
أما بالنسبة للجزء الثاني من المقال فأقول
أسكن الله فلاحا جنته و جعل منقلبه منقلبا مفلحا منجحا إن شاء الله

و لي عندكم طلب اختي، إن كان هناك ما يستطاع عمله في خدمة و في حق هتين المرأتين اختي فلي عندك طلب و رجاء حار
أخبريني و بدون تردد جزاك الله خيرا فالدال على الخير كفاعله

دمت و الأهل و الأحبة برعاية الله

سيدة التنبيب يقول...

علي الملا :

الشاعر عبدالشهيد الثور له قصائد رائعة أحب منها ( يا ثائرة يا زينب )

سير الأئمة كنزنا الذي يميزنا عن غيرنا

جعلنا الله جميعا من المتمسكين بولايتهم عليهم السلام

سيدة التنبيب يقول...

سفيد :

نعم .. رزية كربلاء تنسينا رزايانا .. و أمامها تصغر كل المصائب.

رحم الله قريبكم و جميع الأموات من المؤمنين

سيدة التنبيب يقول...

ين :

آمين ..

عسى الله يرحم أموات جميع المؤمنين

شكرا لك و الله يعافيج

سيدة التنبيب يقول...

علي إسماعيل الشطي :

شكرا لك و بارك الله فيك

سيدة التنبيب يقول...

صلاح :

القلوب الرحيمة هي من تتقطع لهذه القصص .. يوم وفاة فلاح كان هناك طبيب يطلب من أخته الصمت و الخروج دون أن يراعي وضعها ..

سيدة التنبيب يقول...

أحمد نبيل :

و عليكم السلام و رحمة الله و بركانه

هو كما تقول .. هي ومضة من ومضات كربلاء .. أم المصائب.

شكرا لك

سيدة التنبيب يقول...

د. معرفي :

آمين

سيدة التنبيب يقول...

بو محمد :

كما تقول .. من نحن لنتحدث عن أبي الفضل .. ليتنا نصل مقامه و نكون معه في الآخرة


أحيي رغبتك في المساعدة .. لكن هذه القصة كانت قبل أربع سنوات .. و لست أملك أي تفاصيل عن أم فلاح و شقيقته .

دمت بخير و حفظكم الله