رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

21 أكتوبر 2008

الإداريون الأطباء 3

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




تعرضت في المقالين السابقين إلى السلبيات الناتجة من القرارات الإدارية غير السليمة و التي تتسبب بعرقلة العمل . و ذكرت حادثتين للتدليل على ذلك . و الواقع أني لو أردت أن أكتب الحوادث التي صادفتني شخصيا ،لربما احتجت إلى مجلد ليسع ذلك دون مبالغة . و لك - عزيزي القارئ -أن تتخيل الوضع لو صدرت مثل هذه القرارات من إدارات متعددة . مثل أن تقوم هيئة التمريض و قسم المختبر و المخازن الطبية مثلا بإصدار قرارات غير سليمة ، و المشاكل التي ستترتب على ذلك. أود أن أشير في البداية إلى أن هذه القرارات لا تحدث في كل المستشفيات ، بل كل إدارة قد تنفرد بقرار خاص بها . فمن اعتاد على نظام معين في المستشفى أ قد لا يجده في المستشفى ب . و هذه تعكس العشوائية المركزية أو المركزية العشوائية التي تعاني منها إداراتنا.



هناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى صدور مثل هذه القرارات غير السليمة . العامل الجذري من وجهة نظري يتمثل في اختيار القيادات .إن نظرة المجتمع للمنصب الإداري ( القيادي ) نظرة مخطئة تماما. فالمنصب القيادي في مجتمعنا يعتبر بمثابة تكريم للشخص و يصبح منصب تشريف و ليس تكليفا كما يفترض أن يكون. ومعايير الاختيار تتدخل فيها أمور كثيرة ، ليس من بينها على الإطلاق في أغلب الأحيان الكفاءة العلمية و المهنية. و هنا تبرز مشكلة المركزية في اتخاذ القرار . حيث أن أغلب المدراء يريد أن يظهر بمظهر العالم العارف بخبايا الأمور و على أساس ذلك يتخذ القرار.أو قد تكون حوله ( بطانة ) من المتنفعين الذين يظهرون بمظهر الناصح الواعي و يتسببون في المشاكل ، بسبب قصر نظرهم و تقديمهم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة .




الواقع أني أريد التفربق بين العمل الإداري البحت و العمل المهني الفني .فهناك أمور لا تحتاج إلى شخص متخصص للبت فيها .مثل أغلب الأعمال الإدارية الروتينية . و على الجانب الآخر ، هناك من الأمور التي تحتاج إلى تدخل شخص خبير و على مستوى معين من القدرة على التوفيق بين القرارات الإدارية و بين التفاصيل المهنية ، من أجل الوصول لأفضل الحلول التي لا ترجح كفة أي من الجانبين على حساب الآخر. و المشكلة في الطب و ربما بعض التخصصات الأخرى تداخل الأمرين فيصبح من السهل تغليب الجانب الإداري على الطبي عندما يفتقر مركز القرار للخبرة اللازمة لتحديد الأولويات .
لقد أتيح لي حضور بعض الاجتماعات حيث يتم اتخاذ القرارات . و لمست أبعاد المشكلة . مركز اتخاذ القرار بعيد تماما عن الواقع العملي اليومي لنا . و من يملك الحلول الوسيطة بالكاد يستطيع إيصال فكرته . هناك تنسيق لقترة مؤقتة فقط .. دون محاولة للإصلاح على المدى البعيد . لا نريد مشاكل الآن و هذا يكفي ، ليس مهما ما قد يترتب على ذلك . في أحد المستشفيات حيث لا يوجد وحدة لغسيل الكلى ( غسيل الدم هو المصطلح الأصح )، يفترض أن يتم تحويل المرضى الذين تسمح حالتهم لمستشفى آخرحيث مركز الغسيل . أما من يحتاج الغسيل بشكل لا يحتمل التأخير فيتم ذلك في وحدة العناية المركزة .يتم استغلال ذلك .. فحتى المرضى الذين يجب نقلهم يعمل لهم الغسيل في العناية المركزة .من جهة هم يستغلون موارد العناية المركزة في حالات لا تستحق . و من جهة يخف الضغط عن مركز غسيل الكلى ، فلا يدركون مدى احتياج المستشفى لوحدة غسيل كلى وبالتالي يتأخر إنشاؤها. أي أننا بدلا من أن نضغط عليهم لينشئوا وحدة الغسيل التي نحتاج وجودها فعلا ، نقوم بعملهم ويزداد الضغط علينا بلا بادرة للتحسن . ( يعني نقول ميخالف نتحمل ليما يقتحون لنا وحدة غسيل ) و هذا لن يحدث فنظل ندور في نفس الدائرة . فهذا الموقف مثلا يحتاج لطبيب يقدر الحالات التي يمكن تحويلها لمركز الغسيل ، و في نفس الوقت يقدر أهمية الضغط لإنشاء وحدة غسيل كلوي .بينما الأمر عندنا يعتمد على ( تلفون ) من مدير المستشفى لأنه ( يمون ) على فلان أو فلان ( يمون عليه ) و ليس على العوامل التي ذكرتها.


و دمتم

سيدة التنبيب



هناك 7 تعليقات:

Salah يقول...

عملت في الكويت 4 سنين وفي بريطانيا 7 سنين. في الكويت كانت القرارات القاتلة تصلنا كل يوم من فوق. في بريطانيا يختلف الوضع فالقرار قبل أن يصدر يشارك في صنعه كل من يتأثر به، موظفين صغار وكبار بالاضافة الى المراجعين وكل (الستيك هولدرز).

على المستوي الشخصي استفدت من القرارات القاتلة في الكويت لأنها حركتني وجعلتني أفكر بالهجرة. لكن عندما أفكر بمستقبل الوطن أتألم!

استمري في الكتابة وشجعي كل من تمونين عليه من الأطباء كي يدونوا المواقف التي تواجههم، يمكن يزيد الضغط على الوزارة فتبدأ بتطوير العمل!

تحياتي

سيدة التنبيب يقول...

أخي صلاح

إن المقارنة بيننا و بين بقية دول العالم غير ممكنة . نحن نتراجع باستمرار و ليس لدينا خطط مستقبلية.

عذرا و لكن هل أفهم من كلمة ( هجرة )أنك فعلا مهاجر و لا تخطط للعودة ؟

إنشاءالله سأستمر في التدوين ، فمنذ زمن أبحث عن وسيلة أناقش بها أفكاري و هموم عملي ، و قد وجدتها في التدوين.

شكرا لتواصلك مع مدونتي

دمت بخير

Salah يقول...

المدونة تستحق المتابعة

وجدتها مكان مناسب لمناقشة الهموم المشتركة

فالشكر لكِ على الاستمرار

بالنسبة للهجرة كانت النية ولازالت أن أرجع الى الكويت الحبيبة عندما تتغير الأوضاع الى الأحسن أو على الأقل عندما أكون أنا قادر على التغيير.

شكرا

:)

Environmentalist يقول...

رجاء زياره مدونتي والاجابه على السؤال المطروح والذي سيستخدم في اعداد دراسه عن البيئة في الكويت
شكرا

Safeed يقول...

في ظل غياب لأي قوانين واضحة تحدد المهام المطلوبة من الإداريين ، فسيستمر التراجع .

مشكلتنا في الكويت أننا اقتبسنا النظم الإدارية من مخلفات الدولة العثمانية ، كما هي بيروقراطية قاتلة لا يشعر المسؤول فيها بمنصبه إلا من خلال اصداره لحزمة قوانين لا معنى لها سوى أنها تثبت قدرته على اصدارها و إلزام الغير بها .

حتى لو تم العمل بالتكنوقراط في هذه المناصب ستظل الحالة كما هي لان ثقافة الإدارة غير متواجدة ، ما هو موجود مجرد ثقافة اثبات الوجود .

سيدة التنبيب يقول...

سفيد

أوافقك الرأي تماما.. إداراتنا مكان للوجاهة و ليس لخدمة البلاد و العباد.

Beram ElMasry يقول...

عـــين الشــــمس عيانـــــة ومعصوبــــه بشـــال الليـــل
وفــــــــاس الحـــــزن منكـــودة ومرفوعـــة تهـد الحيـل
هجمـــت علينـــــــا عصابــــة زى الطوفــــان والســـيل
خلــــــــوا شبابنــــــا منكســــــر راضــــى يكـون الذيـل
باعـــــــــوا علينـــــــــا وهمهــم ووفـوا من دمانا الكيل
ولا خلـــوا فى البلـــد فــــارس ولا حتــى حداهــا خيــل