رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

18 أكتوبر 2008

الإداريون الأطباء 2

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


من جديد حول نفس الموضوع .إن مشكلة سطحية العمل الإداري و تأثيره على العمل الفني أو المهني هي مشكلة منتشرة في جميع الإدارات و على كافة المستويات . لكنها في مجال الطب - من وجهة نظري الشخصية - تكون ذات تأثير مضاعف .فالقرارات الإدارية كثيرا ما تتسبب في تأخير علاج المرضى . فنحن قد اعتدنا دائما أن أي قرار أو تعميم من الإدارة غالبا ما يكون قد اتخذ ليعرقل عملنا، فنادرا ما تجد هذه القرارات تصب في مصلحة العمل . ذكرت في المقال السابق قصة جهاز الأشعة ، وسأضرب اليوم مثالا آخر ، على أن أعلق على الموضوع بشكل واف في المرة القادمة إنشاءالله .

في صيدلية الطوارئ لأحد المستشفيات ( حدث هذا منذ ثلاث سنوات و لا أدري إن كان مستمرا أم لا ) تم تقليص الأدوية بشكل كبير و منع وجود أدوية أخرى تماما بحجة أنها لا تستخدم في الطوارئ بل في الأجنحة . مثال على ذلك كثير من المضادات الحيوية التي تحقن في الوريد ( لارتفاع سعر بعض الأنواع ).هذا القرار صحيح إداريا مئة بالمئة. لكن أي طبيب ( مجابل مرضاه ) سيعلم تلقائيا أن هناك مشكلة نقص أسرة في الأجنحة . وأننا كثيرا ما نعالج المرضى في الطواريء لمدة يوم و يومين كعلاج الأجنحة ، بانتظار توفر سرير للمريض في الجناح. فليس من المعقول أن نؤخر العلاج لعدم توفر سرير. و تبعا لذلك سنحتاج بعض تلك الأدوية التي تعطى فقط لمريض الجناح ( حسب القرار ).في إحدى مناوباتي تم استدعائي بعد منتصف الليل إلى الطوارئ لوجود مريضة بحالة ربو شديدة.و من ضمن العلاج كنا نحتاج لمضاد حيوي من نوع خاص يعطى بالوريد لأن التهابا شديدا بالصدر هو ما تسبب بأزمة الربو الحادة هذه. كانت المريضة تعاني من حساسية لأنواع معينة من المضادات الحيوية ، و يتوجب علي في هذه الحالة أن أقوم بحقنها بنفسي دون الاعتماد على الممرضة تحسبا لتعرضها للحساسية أثناء الحقن . طلبت من الممرضة إحضار هذا المضاد ففوجئت بها تقول يجب أولا أن نحضر ملف المرضة و أكتب وصفة نرسلها لصيدلية المستشفى المركزية حتى نحصل على الدواء. لأن هذا الدواء يصرف فقط لمرضى الأجنحة و لا يتوفر في الطوارئ.و لمن لا يعلم بيروقراطية عملنا أقول أن هذه العملية تشتغرق من ساعتين إلى ثلاث ساعات في أحسن الأحوال. علي أن أنتظر كل هذه الفترة مع المريضة من أجل أن أعطيها الجرعة الأولى من المضاد الحيوي.و لنتخيل أنه يتم استدعائي لحالة أخرى طارئة أنشغل بها و لا أتمكن من العودة لهذه المريضة ، إذن يبدو أن هناك احتمال كبيربأن يتأخر علاجها . ( في دول العالم المتحضر أول شئ يعطى للمريض بالالتهابات الرئوية الحادة بعد الأكسجين هو المضاد الحيوي بالوريد ، حتى قبل سحب عينات الدم و إرسالها للمختبر و ذلك لخطورة هذه الالتهابات على حياة المرضى ).


خلال وجودي معها تم استدعائي لحالة طارئة أخرى . فاضطررت لاستدعاء زميلي المناوب ليكمل عني هذه الحالة أو يتوجه للحالة الجديدة . كان لتوه قد انتهى من حالة في الجناح . قلت له و أنا أعرفه على حالة مريضة الربو ، أننا قد نضطر لمتابعتها هنا حتى الظهر، لعدم وجود سرير في الجناح بانتظار خروج المرضى من الأجنحة و الذي عادة مايكون في فترة الظهر. فقال لي ضاحكا بمرارة : بلى هناك سرير في الجناح ، فالمريضة التي كنت عندها في الجناح قد توفيت ! لا أخفي عليكم أني فرحت لتوفر السرير لكن فرحتي كانت سوداء إن صح التعبير . هل يجب علينا أن ننتظر أن يموت أحد من أجل ان نتمكن من علاج أحد آخر بشكل جيد في هذا البلد؟


و دمتم

يتبع إنشاءالله

سيدة التنبيب

هناك 6 تعليقات:

ZooZ "3grbgr" يقول...

ضاق خلقي
والله ماني عارفه شقول
شالحل؟؟ لازم في حل :(

Safeed يقول...

في الفلسفة يقولون بأن الحياة هي نتيجة " الصراع " ، و دونه لا تكون هناك حياة .

عناصر هذا الصراع تختلف ، ما بين " الحق " و " الباطل " أو ما بين " الشر " و " الخير " أو ما بين " الحركة " و " السكون " .. في النهاية النتيجة هي أن ما نراه في هذه الدنيا نتيجته هزيمة طرف و فوز طرف آخر .

المسألة تكمن في رغبتنا بنجاح طرف معين يمثل وجهة نظرنا .
قرارهم من ناحية إدارية سليم ، و لكن من ناحية إنسانية خاطئ ، لا يجب أن ننتظر موت أحد لأن المسألة أبعد من القدرة على توفير الدواء إلى " قدرتنا " الحقيقية على استيعاب المرضى في ظل نظام صحي متهالك ؟

و هذا هو أس أغلب المشاكل الصحية في الكويت التي أهملها هؤلاء " الموظفون الإداريون " لا الأطباء .

الـبـيـرق يقول...

آخـر فـقـرة بـيـنـج و بـيـن الـدكـتـور الـصـراحـة أول مـا قـريـتـهـا ويـهـي "كـش" :d

مـشـكـلـة الـديـرة بـشـكـل عـام هـي الأدارة

Salah يقول...

عفوا دكتورة:

قرارهم خطأ من الناحية الفنية والادارية على حد سواء.

ليس الهدف من العمل الاداري توفير الفلوس وحسب وانما التأكد من انسيابية العمل الفني وليس عرقلته.

الله يعينكم

سيدة التنبيب يقول...

عقر بقر :

إنتي ضاق خلقج بس من قراءة القصة .. أنا و غيري من الهيئة الطبية في قلب المعمعة منذ سنوات ..و في كل يوم نكتشف مصيبة جديدة .. لا يوجد حل شامل.. دائما نحاول أن نجد حلولا حزئية مؤقتة ( طلعت روحنا و الله )
و الله المستعان

سفيد :

تساؤلي حول انتظار الموت كان تهكما مريرا .. و نحن فعلا نصل أحيانا إلى مرحلة تدفعنا لطلب توفر سرير بأي طريقة حتى نستطيع أن نواصل عملن( مثل الناس )


البيرق :

أتفهم شعورك .. أنا نفسي أتساءل أحيانا عن جدوى عملنا من الأساس


صلاح :

عندما قلت أن قرارهم صحيح إداريا كنت أتكلم حسب مفاهيم وزارتنا التقشفية ..
هل تصدق أننا نطلب نوع جيد من المسكنات لغرف العمليات فلا يعطوننا إلا ( بالحبة )، و بعد توقيع عدد من الأوراق و إرسال عامل النقل للصيدلية. مما يدفع الكثير من الأطباء إلى عدم استعمال هذا المسكن رغم جودته . أنا لأني عملت في الخارج و اعتدت على استخدامه لا أزال أطلبه رغم (الصعاب ). عدا ذلك فأنا أوافق على كلامك بالكامل

سرحان يقول...

سيدتي :)

ما تدرين عن مسؤول إداري في أحد المستشفيات "مجمّع خويّانه".. الوضع قعدة أرضية.. و زقاير.. و دلّة.. في المستشفى؟

ما تبين قرارات إدارية من هالنوع؟

شيييييشة يااااا بيساب !!