رحمك الله يا بو مبارك



ستكتمل قريبا سنوات خمس على فقدك .. طيب الله ثراك يا أمير القلوب

27 نوفمبر 2008

أطباء .. و نتحدى ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

أعود لأكتب عن هموم مجال عملي .. بعد ( زوبعة الفنجان ) التي أثارها سياسيونا المبجلين ، و التي جعلتني أتساءل .. هل من الممكن أن يطرأ أي تغيير على الممارسة السياسية في بلدنا ؟ متى تنتهي المراهقة السياسية التي يعيشها البعض ؟
منذ بدأت سنوات الدراسة في كلية الطب تمضي ..بدأت استيعاب ما اقترفت يداي بحق نفسي و مستقبلي .. فلقد دخلت كلية الطب لأني من متفوقي الثانوية العامة و بناءا على رغبة الأهل . دون أدنى استيعاب لحقيقة الوضع و المشقة التي يعانيها دارس الطب و ممارسه على حد سواء. و تدريجيا بدأت الحقائق تتجلى ..خصوصا مع سنوات التدريب في المستشفى ، و احتكاكنا بالأطباء و تعرفنا على المستقبل الذي ينتظرنا . لعل أبسط دليل على حجم المصاعب هو نظام الخفارات لمدة 36 ساعة كل أربعة أيام . نعم .. على الطبيب أن يعمل في يوم خفارته من السابعة صباحا حتى نهاية الدوام الرسمي لليوم التالي ! فلك أن تتخيل - عزيزي القارئ كيف يكون منظرنا بعد انتهاء الخفارة ، و هذا يتكرر كل أربعة أيام . أذكرأني حاولت كتابة قصيدة في الموضوع لم أكملها أبدا .. يقول مطلعها :
إذا رأيت الأطباء سكارى ..
فاعلم أن عندهم خفارة..
ليت شعري أي خفارة ..


و إضافة لذلك .. فإن المخاطر التي نتعرض لها أثناء العمل كثيرة ، منها:

1- الإصابة بالأمراض المعدية .
2-التعرض للغازات و الإشعاعات.
3-الضغط النفسي و المواقف العصيبة.
4-الاعتداء اللفظي و الجسدي.

كل ذلك يجعل مهنة الطب من المهام الشاقة على الإطلاق . فإذا أضفنا لذلك تخلف نظام العمل عندنا .. فإن الصورة تكتمل .. مجالنا محبط يحث على اليأس و التقاعس .و لعل هذا ما يجعل الكثير من الناس يأخذون انطباعا سيئا عن الأطباء ..فالطبيب لا يقابل الناس بالشكل اللازم و لا يتصرف بالشكل الملائم لأنه ببساطة لا يعمل في المكان اللازم و البيئة الملائمة لذلك . لست أحاول تبرير تصرفات بعض الأطباء .. لكنها مجرد محاولة لبيان حجم المصاعب التي نواجهها . و نحن في النهاية بشر .. لسنا ملائكة و لا معصومين , حتى نتحمل كل هذه الضغوط دون أن يتأثر مزاجنا أو حتى تفكيرنا العلمي و قراراتنا المهنية .
إننا في وزارة الصحة نعمل في ظل نقص شديد على كافة المستويات .. يوجد قصور في التنظيم الإداري و الأجهزة و الأدوية و الطاقم الطبي و حتى عمال النقل و التنظيف . هذه حقيقة مفروغ منها. لكن ما أردت الإشارة إليه .. هو أنه رغم كل ذلك .. فإن هناك الكثير من النماذج المشرفة التي تقهر الصعاب و تمارس عملها على أكمل وجه .. لذلك اخترت عنوان هذه المقالة .. أطباء و نتحدى .. نعم نتحدى كل هذه المعوقات لنعمل ..نتحدى النقص و التخلف لنصل بمرضانا لبر الأمان .
تخيل أنك تطلب تحليلا لنسبة الهيموجلوبين في دم أحد المرضى الذي يخضع لجراحة عاجلة للسيطرة على نزيف شديد في الساق إثر حادث سيارة .. ترسل العينة في الحادية عشرة صباحا و لا تصلك النتيجة حتى الرابعة عصرا ، رغم أن الجهاز ينجز التحليل في عشر دقائق على الأكثر !و الأدهى أن تطلب أكياسا من الدم لنفس المريض ، فتحتاج إلى ساعتين على الأقل لتحصل عليها رغم أن إعدادها يتم في نصف ساعة ! ماذا نفعل و ماذا نقول ؟
تحية لكل طبيب يعمل بضمير من أجل مريضه ..يعطي من صحته و جهده ليبذل ما يستطيع نحو من ائتمنه على جسده و حياته .
و دمتم
سيدة التنبيب

هناك 11 تعليقًا:

Maximilian يقول...

قواج الله دكتورة
------------

الكثير من الناس يأخذون انطباعا سيئا عن الأطباء ..فالطبيب لا يقابل الناس بالشكل اللازم و لا يتصرف بالشكل الملائم
--------------

رحمة على والديج ، اتفق مع كلامج، شخصيا تعرضت لاكثر من موقف اخرها هذا
http://cute-q8i.blogspot.com/2008_07_01_archive.html

وانا لاحظت شغله، ان الاطباء الكويتيين اليدّد دايما يكون تعاملهم افضل من الاطباء القدامى، بس هم قالولي عطهم جم سنة وبيحوشهم نفس الاحباط وبيصيرون نفس البقية :)

زين سؤال،،، اللي ما فيه شدة يتحدى ؟؟ تنصحينه يتوجه للمجال الاكاديمي؟

سيدة التنبيب يقول...

أهلا بطبيب المستقبل ..

قرأت الموضوع في مدونتك .. و لم أستغرب كثيرا .. أنا نفسي حصلت لي الكثير من المواقف مع أطباء المستوصف و غيرهم، قد أتحدث عنها في سلسلة العقد النفسية للأطباء التي وعدت بكتابتها قريبا إنشاءالله .

فعلا الأطباء الكويتيون حديثو التخرج يكونون مفعمين بالنشاط و الرغبة على في العطاء لكن الكثير منهم يفقد هذه الروح مع الزمن بسبب نظام العمل الذي يجرعنا اليأس و الإحباط تدريجيا.

بالنسبة لسؤالك حول المجال الأكاديمي .. أفضل أن تقرر بنفسك بعد التخرج و الاحتكاك بالعمل .. حيث أنني شخصيا قررت أيام الدراسة أن أتخصص في مجال بعيد عن المرضى و الدماء مثل طب المختبرات أو الأشعة .. لكن بعد التخرج وجدت نفسي أحب العمل في الحالات الحرجة غير المستقرة .

بالتوفيق إنشاءالله

Sowhat يقول...

مع فطور ساخن قرأت موضوعك .. وانا post call :)

والمخاطر التي تفضلتي بذكرها .. نتعرض لها .. كل خفارة ... المضحك في الموضوع .. ان الناس .. يطالبون الأطباء بالكمال .. بينما هم أصلا ما يداومون ولا يشتغلون لا بذمة ولا ضمير نعم هذا ليش دفاعا عن الأطباء ولكن مع السياسة السيئة في البلد و الأقتضاد الأسود و الفساد المتفشي الذي نخر مستشفياتنا و تركها مباني يجب ان تزال و غرف الخفارة العفنة الي تجاورك فيها الفئران و الصراصير و اكل الأطباء السىء الذي لا ارتضى ان اطعمه اي ادمي وجدول الخفارات الشيء و اعتمادي الكامل على امانة عامل التنظيف في ايصال الفحوصات من و الى المختبر و على طاقم تمريضي في اغلب الأحيان غير متدرب وخفارة تجعلني انام قبلها يوما مبكرا كي لا انعس يوم الخفارة .. ولا انام يوم الخفارة .. وانام بعد الخفارة فيترك لي يومان اسبوعيا نومي فيهما معتدل . و اجازات اسبوعية كل اربع اسابيع اضطر فيها الي رأية مرضاي لأني متأكد انه محد راح يمر عليهم

كل هذا ... يأدي الى طبيب فاشل .. و علاج فاشل ... الطبيب ليس اله استغفر الله او ساحر ... بل هو جزء في نظام .. وان فسد النظام فسد دورة

اسف على الاطالة .. لكن من الحرة

Yin مدام يقول...

قواكم الله وأعانكم على هالمهنة الصعبة والإنسانية
وكل ما ذكرتيه صحيح وأسوأ ما في الموضوع وزارة الكحة وسياستها وادارتها الفاشلة

ولكن لا يوجد شيء في العالم يبرر لا مبالاة الطبيب وانعدام الذمة والأخلاق والضمير

وحين يجد الطبيب نفسه وصل إلى هذه الحدود وخاصة اللامبالاة عليه أن يترك المهنة فهو لم يعد يصلح لها
وصدقيني الأحداث التي بنيت عليها هذه النظرة من أمور حصلت لي أو أمامي
لا قصص قيلت لي!!

سيدة التنبيب يقول...

زميلي العزيز ..
شكرا لمرورك رغم إرهاق ما بعد الخفارة ..
أتفق معك تماما في كل كلمة .. خاصة موضوع غرف الخفارة و الطعام ..لو كنا نعلم هذه التفاصيل قبل دخولنا كلية الطب ربما كانت نظرتنا ستختلف !


yin
أو ينيونه على قولة زووز :)
لو طبقنا ما تقولين على جميع المهن لما بقي أحد في عمله ..فمسألة انعدام الأخلاق و الضمير تجدينها حتى في المدرسين و التجار و المحامين و المهندسين و حتى علماء الدين ! ( طبعا البعض و ليس الكل ) .. فلماذا يطالب الأطباء بأن يكونوا كاملي المواصفات دون غيرهم ,, هي مهنة كباقي المهن . لست أعني أنه يحق للأطباء ان يتقاعسوا و يهملوا لكن المعنى أننا جزء من منظومة متكاملة كما أشار الزميل sowhat و بالتالي لا يمكن أن نتحمل فشل النظام كله .

ملاحظة
حاولت إرسال تعليق في مدونتك بشأن حجاجكم الأعزاء و لكن الرابط ( معلق ) الله يتقبل أعمالهم و إنشاءالله يردون بالسلامة

Bavaud يقول...

يعني شلون الحين!
ما نرد نشتغل بالكويت... نروح استراليا ولا ايرلندا؟

Yin مدام يقول...

عزيزتي سيدة التنيب :

ينيونة؟!؟!
بعد هذي زوز وسوالفها لوول

أولاً

الله يتقبل منكم صالح الأعمال ويسلمج ويحفظج وكل من يعز عليج من كل شر يا رب
:))

ثانياً
أنا ما حصرت الأطباء بس .. بالعكس قواهم الله.. مهنتكم صعبة ومرهقة ولكن كون الأخطاء فيها ترتبط بمصير المريض الصحي وحياته فإنها مهنة تحتاج إلى مواصفات إنسانية وأخلاقية وموهبة أدق من غيرها!! وأعمم على جميع المهن خاصة المدرسين حين لا يجدون لديهم الرغبة أو القوة على التعليم أن يتركوه "وهناك فرق بين التعليم والتلقين "

وبعدين أكيد النظام الوزاري الفاشل والإدارة الأفشل ستؤثر على الآداء
الله يعينكم ويقويكم وينصركم على أعداء الإصلاح :)))

سيدة التنبيب يقول...

بافاد :

حياك الله في مدونتك ..
بل يجب أن تعود و تعمل هنا في الكويت .. بلدنا التي تحتاج كل مجهود خاصة من شبابها المثقف الواعي .. نعم هناك مصاعب و لكن الوضع ليس بالقتامة التي تتخيلها ..

بالتوفيق

ين :

نعم أتفق معك .. مهنتنا خطرة و هذه هي المصيبة ,, أي خطأ أو تساهل يكون ثمنه صحة البشر و ربما حياتهم ..
لكن مثلما يوجد المتقاعسون .. يوجد الأطباء الأكفاء الخلوقين ,, نحن فقط نحتاج أن يكثر عددهم قليلا .

Safeed يقول...

كل مهنة فيها جوانب مظلمة ، المشكلة هي في المجتمع و المحيط العام الذي يصيب جنازير الإنسان بالصدأ ، مهما كانت السفينة معدة و مجهزة فإن الظروف إن لم تتهيأ لها لن تستطيع أن تبحر.
مشكلتنا أننا في أحيان كثيرة نبرر لأنفسنا أخطاءنا بحجة أننا بشر و أنس ، و لكننا في نفس الوقت نرفض أن يقع أي أحد أمامنا بنفس هذه الاخطاء .
نبرر لأنفسنا سوء اخلاقنا احيانا ، ضعف همتنا ، تقاعسنا ، و لكننا نرفض ان نسوق هذه المبررات للأطباء و المدرسين و غيرهم لأننا نتناسى أنهم بشر مثلنا و أن كونهم أحبوا أو أجبروا على مهنة ما تتطلب هذا الاتصال المباشر مع الناس لا يعني تخليهم عن بشريتهم و طباعها .
هذا جانب ، الجانب الآخر الذي اوصلني لقناعة مرة : قابلية مجتمعنا !
للاسف انه عديم القابلية و مواجهته تؤكد هذا الواقع المُر و هو السبب الاول للاصابة باليأس .

Salah يقول...

أنا من أشد المتعاطفين مع الأطباء في الكويت. ولكن أتمنى من الأطباء ترتيب أولوياتهم.

You need a true professional organization, not the KMA, to lead and to represent all of the doctors. Not only Kuwaiti doctors, but all doctors. A true professional organization would press on improving the work conditions, and to protect its members from abuse.
If you work on changing the mentality in the KMA, you may get good results.

Regards

سيدة التنبيب يقول...

سفيد :

هذا هو لب الموضوع .. مجتمع المستشفى صورة مصغرة لمجتمعنا الكبير و تنطبق عليه كل المشاكل و الصعاب .. و هذا ما أردت إيصاله للناس .. أن يقدروا الظروف التي نعمل فيها و ينظروا من زاوية أخرى غير زاوية التذمر و الانتقاد.


صلاح :
نشاط الجمعية الطبية في الفترة الأخيرة تقدم كثيرا من ناحية النوعية ,و حركة إقرار الكادر و إعادة الكثير من حقوق الأطباء مثل الإجازات الدراسية و إقرار البعثات أضافت الكثير لرصيد مجلس الإدارة الحالي ..

و هي تعنى بشئون الأطباء جميعا و إن كان الترشيح و الانتخاب لمجلس إدارتها مقصورا على الكويتيين فقط ..
لكنها في النهاية مجرد جمعية و كل ما تستطيعه المطالبة فقط أما التنفيذ فبيد الوزارة و الديوان ..

الواقع أن حتى من يكون لديه الرغبة في العمل و التغيير من الأطباء خاصة الكويتيين منهم يفقد هذه الروح و الحماس مع مرور الوقت ..
أعرف طبيبا ممتازا ذا تخصص نادر و وصل لرئاسة قسمه مبكرا و كانت بيده سلطات كثيرة .. أي أنه لم يحارب أو تمنع ترقيته ، لكنه قدم استقالته بعد عامين من رئاسة القسم و عاد للبلد التي درس فيها بسبب المصاعب التي واجهها في خطة التغيير ..

فالمسألة صعبة جدا و تحتاج الكثير من الوقت و الجهد ..