سجلت الصحف قبل أسابيع حادثة ضرب أحد أطباء القلب في مستشفى مبارك من قبل أبناء إحدى المريضات . و سجلت أيضا تفاعلا على المستوى الرسمي تجاه هذه الحادثة ممثلا بوزارة الصحة و الجمعية الطبية التي طالبت - مشكورة- بتفعيل قانون لحصانة الأطباء . و لا يخفى على أحد أن هذه الحادثة ليست الأولى و لن تكون الأخيرة في مستشفياتنا . أنا نفسي شهدت حادثتين في أربع سنوات تتعلقان بمحاولة اعتداء على الأطباء أثناء عملهم من قبل أهالي المرضى .. غير أني في إحدى الحادثتين كنت أود مشاركة أهل المريضة في ضرب الطبيب ! فرغبتي في الحديث عن هذا الموضوع اليوم .. تنبع من زاوية قد تكون مغايرة لما يجب أن تكون عليه نظرة الطبيب في مثل هذه الأمور.
بغض النظر عن ما تنشره الصحف حول الأخطاء الطبية ، و الذي أعتبره منافيا للحقيقة في كثير من التفاصيل - مثل الحادثة الأخيرة لطفل الجهراء و انفجار الزائدة الدودية - و بغض النظر أيضا عن انفعال أهالي المرضى للتعبير عن مشاعرهم نحو مرضاهم ، أعترف أنه قد يكون هناك قصور في العناية الطبية لبعض المرضى .. إلا أن استخدام الضرب و الاعتداء - حتى اللفظي منه- ليس أسلوبا حضاريا و لا دينيا للتعبير عن السخط و عدم الرضا . و هو لا يحل المشكلة بل يتسبب بمشكلة جديدة. قبل سنوات ، حدثني أحد أقاربي حول موقفه من إحدى الطبيبات في قسم الحوادث بمستشفى مبارك أيضا ، و كيف أنه رفع صوته و أهانها في ممر المستشفى أمام الجميع ، بسبب تقصيرها ناحية والدته .. و كيف أنه رمى بطاقته المدنية في وجه محقق المستشفى عندما تقدمت الطبيبة بشكوى ضده! سألته ماسم الطبيبة ، فلم يخبرني بادئ الأمر .. و عندما أصررت قال لم تريدين معرفة اسمها ؟ قلت ربما كنت أعرفها . ثم طلبت تفاصيل أكثر حول الحادثة فثار في وجهي و قال لم أنت مهتمة بذلك ؟ قلت : فقط أريد أن أعرف .. هل ترضى أنت أن يفعل أحد معي ما فعلته أنت معها ؟ عندها أطرق برأسه و صمت قليلا ثم عاد ليقول و قد وصلت رسالتي له : و لكن أنت لست مثلها!
بعض الأطباء يستحقون ما يحدث لهم .. حتى و إن كنا نستنكر هذه التصرفات . ليس دفاعا عن أهل المرضى بل لأنهم فعلا يستحقون ذلك . فمن لا يستطيع احتواء أي موقف و تقدير عواقبه عليه أن يتحمل نتيجة ذلك . و لو أن هناك بعض الاستثناءات..و التي يكون الطبيب فيها فعلا مظلوما. أعرف طبيبا قام ابن مريضة بإشهار مسدس في وجهه و هدده بأنه سيحضر جميع أهله لقتله إن لم تصح أمه من غيبوبتها! اتضح فيما بعد أن ابن المريضة هذا مريض نفسي و قام أخوته بالاعتذار للطبيب. لكن في بعض الأحيان .. أنا نفسي كطبيبة أشعر برغبة في ضرب طبيب ما و لو كانت طبيبة أتمنى أن أقوم بشد شعرها نتيجة بعض التصرفات التي أراها . فهناك من الأطباء - بغض النظر مرة أخرى عن الأخطاء الطبية - من لا يحسن التعامل مع المرضى أو أهلهم . سمعت طبيبا يجيب سيدة كان ابنها ذو العشرة أعوام يرقد في غيبوبة عميقة نتيجة حادث سيارة ، يجيبها قائلا عندما سألت عنه : مشاري ؟ لا تسألين عن مشاري .. مشاري خلاص انسيه ! و ذلك لأن مشاري رحمه الله كان تقريبا ميتا دماغيا و إن لم يعلن ذلك رسميا . جاء عم مشاري بعد فترة يرغب بضرب الطبيب لأنه حدث الأم بهذه الطريقة و تسبب بانهيارها .. و كانت مشاعري مزيج من الغضب و الفرح .. كنت غضبة من موقف الطبيب ، و فرحة لأن عم مشاري ( قاعد يهاوشه ) و قد يضربه .
في كثير من المواقف .. نيأس نحن الأطباء من علاج بعض الحالات المتأخرة التي لا تستجيب لكل أنواع العلاج التي نعرفها . و نكون متوقعين وفاة المريض في أي لحظة . بالنسبة لي عندما يكون أهل المريض حاضرين ذلك .. أقوم بالحديث إليهم و شرح الوضع .. و أحيانا أتظاهر بأني أقوم بأشياء إضافية لعلاج المريض رغم أنه يكون على أقصى أنواع العناية و العلاج. و ذلك فقط لأوحي لأهل المريض أني أقوم بشئ و لست فقط أنتظر موته. بعض الأطباء لا يجد فائدة من هذه التمثيلية .. و ينصرفون تاركين المريض و أهله . و بعضهم يكون فعلا مشغولا و لا يمكنه البقاء مع حالة منتهية أصلا فقط من أجل أهل المريض . هذه هي المواقف التي أشعر أن الطبيب يكون فيها معرضا للاعتداء من قبل أهالي المرضى .و التي يجب أن يحاول الأطباء تفاديها بقدر المستطاع .. فكلمة بسيطة قد تمنع حدوث مشكلة كبيرة.
دمتم جميعا بخير
سيدة التنبيب
هناك 10 تعليقات:
القضية إنسانية بحتة،
أحيانا الضغوط على اهل المريض
تعلهم يفرغون هذه الشحنات العصبية
بمثل هذه الطريقة و كأن الطبيب هو المتسبب بالمرض!
و أحيانا يفرغ الطبيب ضغوطه
بمعاملة جافة لانه يعتقد أن المريض لسبب / اهمال .. إلخ مـا
سبب مرضه، واصبح غصة في حلقه
و احيانا لا، الاثنان يشتركان في تضخيم القضية
سواء بمعاملة جافة من هذا الطرف،أو بتعدي عصبي من الطرف الآخر.
لا يمكن ابدا وضع حد لمثل هذه الامور، لانها من "طبيعة" الانسان
لكن يمكن تقليلها إلى حدها الاقصى .. بقليل من الوعي .. بمهمة الطبيب الحقيقية، و كذلك قليل من الوعي بـ"نفسية" المريض و اهله الواقعية.
دكتورة
موضوع ممتاز وللأسف يحدث بين فترة وأخرى
عندى سؤال :الدكتور (صفة المذكر أو المؤنث ) هل يأخذ دورة فى التعامل مع المرضى والمراجعين قبل لايبدآ العمل فى الكويت ؟؟؟لأن هذا الشىء مهم جدا
والحقيقة أن حوادث الأعتداء على الأطباء تقع أكثر الأحيان فى غرف الطوارىء وفى كل مكان فى العالم بسبب سيكولوجية المصابين والظروف المتوترة المحيطة بالمراجعين
كذلك فى مشكلة فى طبائع المحترفين العرب وهى ظاهرة التملك بمعنى أنا الطيار أعتقد بأنى أمتلك الطائرة والركاب بسبب أمتلاكى لمعرفة الطيران
أو أنا الطبيب أمتلك التصرف بمصير المريض بسبب أمتلاكى لمعرفة الطب
أو أنا المهندس أمتلك التصرف فى أملاك الغير بسبب أمتلاكى لمعرفة المجال الهندسى
و أنا المحامى أمتلك مصير موكلى بسبب أمتلاكى لمعرفة القانون وحاجة الموكل الماسة لهذه المعرفة
وتمتد هذه الظاهرة الى حد التكبر أو العنجهية أو عدم التواصل الصحيح مع أصحاب الحاجة فيصل الأمر بهم الى الرد بلغة العنف اللفظى أو البدنى بدلا من لغة العقل
والمشكلة أن التحزب بين أصحاب المهن منتشر بصورة مخجلة أى لنقف كلنا ضد من يعادينا أو يطالب بحقه أو بمعلومة وهم لايستحقون هذه الخدمات الجليلة والتضحيات التى نقدمها لهم لأنهم لايفقهون شيئا وليسو فى مستوانا العلمى كيف لهم أن يتجرؤا على ذلك نحن الذين نقرر مصائرهم
لا نسمع فى الكويت أن هناك من رفع كتاب وطللب التحقيق فى تصرفات زملاؤه فى المهنة أو أن هناك عقوبات طبقت على من أساء أستخدام صلاحياته
كما لايوجد فى الكويت تأمين على الأخطاء الطبية يدفعه الدكتور من جيبه الخاص حتى يعلم بأنه فى حالة الخطأ سيتم معاقبته ماديا من قبل جهات القضاء وشركات التأمين
أما بالنسبة لأهل المريض والمرضى فالعلاج المجانى يقلل من أهمية العلاج بمعنى أنه حق لى فلماذا أراعى شعور الأخرين سواء الأطباء أو الطاقم الطبى
الكثيرون يذهبون الى المستشفيات الخاصة لحسن المعاملة والمجاملة ولكن الكل يعرف أن أطباء الحكومة هم من يملك التخصصات المهمة
أعذرينى على الأطالة
كما هو حال صاحب التعليق الثاني أنا أتساءل : هل فن التعامل مع الجمهور يدرس في كلية الطب بالإضافة الى أخلاقيات المهنة ؟
في الخارج هناك عدة مواد إجبارية
Laws and ethics
Sociology
Social Works
يمكن أن تخفف من فداحة المشكلة
لا اعلم ما فائدة ضرب الدكتور ؟ هل ستشفي المريض إن أخطأ الدكتور فعلاً أو تقاعس ؟
سفيد :
( أستانس لما تكون من المعلقين ، أحس إن اللي أكتبه له قيمة )
هو كما تقول القضية إنسانية ، و مهما وضعنا من القوانين لابد من وجود الحس الإنساني و الأخلاقي و الديني في ممارسة الطبيب لعمله ، و في نفس الوقت التقدير من قبل الطرف الآخر
: daggero
أهلا بك في مدونتك ..
ناقشت العديد من النقاط بخصوص الأخلاقيات المهنية , و سأحاول الرد عليها بإيجاز .
1- هناك مقرر يدرس في كلية الطب ( عالميا كما أعتقد ) بخصوص أسلوب الحوار و المعاملة تحت أسماء مختلفة مثل = communication skills,
the medical interview
و لكن المسألة مسألة أخلاق و ممارسة و ليس فقط تدريس و تدريب.. بمعنى من الممكن أن أحصل في قاعات الدراسة على امتياز في هذه المواد دون أن أطبقها في حياتي العملية
2- أوافقك الرأي بشأن الاعتداء على الأطباء في أقسام الحوادث بسبب ظروفها ..لكن هذه الأمور تحدث في كل مكان في المستشفى ، و كذلك بالنسبة لظاهرة تملك المهنة .
3- بالنسبة لظاهرة التحزب بين زملاء المهنة صحيحة نسبيا ، و لكن الشكاوي المرفوعة من قبل الأطباء ضد زملائهم كثيرة جدا ، و خير دليل قضية جراحو العدان الأخيرة.
4-كثير من الأحاديث تدور حول التأمين الصحي و العقوبات المالية نحو الأطباء في حال الخطأ المؤدي إلى ضرر .. في الكويت هناك حادثة شهدتها شخصيا في مستشفى الولادة و كانت عقوبات الأطباء هي خصم الرواتب الشهرية للأطباء المعنيين ، تراوحت مدة الخصم بين 3 و 6 أشهر .
شكرا لك و دمت بخير
حلم جميل بوطن أفضل :
كما أجبت الأخ daggero بخصوص فن المعاملة .
ضرب الدكتور هو تصرف انفعالي لحظي .. تتحكم فيه عوامل كثيرة .. لا يؤدي كما تفضلت لعلاج المريض.
قواج الله دكتورة ..
بالنسبة للاعتداءات .. الوالدة بالقلب .. فكانت اكثر من مره تسولف عن الاعتداءات اللي تصير على الدكاتره
بس تصدقين ؟
انه الدكتور راضي انه يطقونه ! ولا حتى يبطل بحلجه : )
هذا بالنسبة لمستشفى الصدري
دكاترتنا بالصدري لا اله الا الله عليهم شطار ما عليهم كلام .. بس الخطأ وارد ! والقدر ساعات مكتوب للناس .. فان حدث خطأ .. تلقين اهالي المريض قامو على الطبيب
وبالنسبة حق هذا الدكتور اللي خله ام الولد تنهار .. الله يصبر الام :)
لازم هالاشكال من الدكاتره يكون عندهم سلوب في توصيل الشي .. ياخي ناس بلا مشاعر هذيل ؟ يعني هذي اممممممممه اممممممه !!
الله كريم : )
في الكويت أسهل شيء اللجوء الى العنف. يمكن لأن مافي رادع... ومثل ما يقولون من أمن العقوبة أساء الأدب.. عدم محاسبة المخطيء شجع الناس على التجاوز حتى أصبح العنف جزء من ثقافة البلد.
هناك أطباء لا يستحقون ثقة الناس فيهم... لكن لا يجب اللجوء الى العنف بأي حال من الاحوال
دكتورة
اليوم فى جريدة الراى فيه مواطن حاط أعلان صفحة كاملة يتكلم عن اللى حصل لزوجته فى مستشفى مبارك وبعدين مكتب لندن الصحى ومستشفى كرومويل
الصراحة قصة الأهمال وعدم الأنسانية فى التعامل مع المواطن والمرحومة زوجته تقطع القلب
وأنهى الأعلان بالدعاء على كل اللى تسببوا فى المصيبة اللى حلت عليه وعلى عائلته
موضوع قيم كالعادة دكتورة اختصرته العبارة الأخيرة ..
السر في الكلمة الطيبة بعد الضمير المستيقظ ..
وفقك الله دائما ..
تحياتي ..
بعض الاطباء مكتوب على جبهته تكفى اضربني
التعامل مع المرضى واهاليهم فن وعلم ويحتاج ان يدرس في كلية الطب
وعلى وزير الصحة ان يكون اول طالب في هذا المقرر حتى يكون قدوة
كلمـة من الطبيب
قد تحيي الأمـل في نفوس من فقدوا الأمل .. فيتعلقوا بذلك الأمل
ولا بـأس في ذلك , فقد يشاء الله
عكس ما يظنـه الطبيب ..
وكلمـة أخرى من نفس الطبيب ..
قد تجعل الأهل في حالة أنهيار ..
قد يفقد أحدهم " روحه "
بسبب تلك الكـلمة !!
... أسلوبك في مراعاة أهل المريض
رائع جداً عزيزتي ..
وهو لابد مايسمى
بضمير الطبيب الحي , من ناحية المرضى وأهاليهم ..
عساك عالقوة ..
:)
تقبلي مروري هنا ..
إرسال تعليق