السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
قررت هذه المرة أن أحلل شخصيات المدونين على اختلاف توجهاتهم و أدلي بدلوي المتواضع تجاه هذا الموضوع . أنا أحب علم النفس و لدي اهتمام خاص بطب الأمراض النفسية و إن كنت لست متخصصة في هذا الفرع من فروع الطب لأسباب كثيرة ،ولكن هناك أمور يمكن الحكم عليها كما يقال ( بالسليقة ) ..
بداية أود التنويه أن هذا مجرد اجتهاد شخصي أخلط فيه بعض الحقائق الطبية مع انطباعي العام ، و لست أعني شخصا معينا في كلامي . إنما هي مجرد عادة لدي في النظر و التأمل بأحوال الناس حولي .و محاولة فهمهم و الوصول لخطهم الفكري و النفسي . ومن وجهة نظري الشخصية فإن التدوين هي عملية فريدة من ناحية إمكانية المزج بين الخطوط العامة لفكر المدونين مع حياتهم الشخصية و أفكارهم الخاصة
سمعت عن المدونات للمرة الأولى من خلال لقاء د. الغبرا في برنامج ديوانية الأسبوع قبل عامين تقريبا ، التي استضاف فيها عددا من المدونين أذكر منهم شروق و زيدون و اليوسفي . كنت أدرس أيامها في الخارج و حاولت الاطلاع على المدونات بالانترنت فلم أوفق ، و لا أذكر السبب.و في الصيف الماضي قرأت مقالة الدعيج في القبس عن المدونات ، فكانت بداية اهتمامي بالمدونات مرة أخرى ومواظبتي على متابعتها ثم إنشاء مدونتي الخاصة.
أعود الآن للحديث عن المدونين .
أولا:
إن ممارسة التدوين هي وسيلة لتفريغ الأفكار و الانفعالات . و هي نشاط إيجابي نفسي سليم يؤدي للراحة النفسية و لو بشكل جزئي. فالمدونون قد اختاروا طريق التفاعل مع ما حولهم و إن كانوا غير راضين عنه . و هذا يعكس روحا و عقلا بناءين يسعيان للتواصل و التجديد و التصحيح . فليس هناك طريق لم يسلكوه و لا باب لم يطرقوه من أجل تحقيق الهدف .
ثانيا :
أعتقد أن المدونين ( و منهم أنا ) يعانون من حالة اغتراب عن مجتمعاتهم مما جعلهم يهربون لعالم الانترنت للتعبير عن أفكارهم. و مما يؤكد هذا الاعتقاد هو شعور المدون بالراحة و الانتعاش بعد الاطلاع على مدونته و غيرها من المدونات ، خاصة إذا ما وجد من يوافقه الرأي في التعليقات.
ثالثا :
يبدو أن كثيرا من المدونين غير راضين عن حاضرهم ، و ينتابهم القلق من التفكير بالمستقبل و إن كانوا يعملون جاهدين لتحسينه . أستند في هذا على الحنين الغريب لكثير من المدونين إلى ماضيهم و تقديسهم لأيام الطفولة و رموز الماضي أيا كانت. و هذا يدل على عدم الرضا عن الحاضر إلى حد ما. و من جهة أخرى أيضا يدل بشكل جزئي على عقلياتهم المتميزة التي تحلل المشاكل و المعوقات و تحاول بحث أسبابها عن طريق الاهتمام بأصل نشوءها . فهم يسعون لإكمال الحلقة الناقصة في السلسلة التي تصل الماضي بالمستقبل.
رابعا :
المدونون هم فئة خاصة من المجتمع تتميز بالذكاء و العقلانية . أغلبيتهم شخصيات قيادية و لها وضعها الخاص على نطاق الأسرة و العمل . و منهم من يجد نفسه ملزما بالتدوين و التواصل مع القراء ، و يعتبر مواصلة التدوين واجبا و التزاما . و هذه الفئة من المدونين تكون في قمة الشعور بالمسؤولية . و نستطيع اعتبارها ركنا أساسيا لاستمرار دور التدوين في النهوض بالمجتمع و إثارة القضايا المختلفة . فالمسألة بالنسبة لهم ليست هواية أو مكانا يفرغون فيه أفكارهم ، بل كما أسلفت وسيلة لتحسين المستقبل .
خامسا :
بقيت فئة قليلة من بين المدونين و هي الفئة المعاكسة لمن تكلمت عنهم في الفقرة السابقة . الفئة التي تمارس التدوين بلا التزام كامل و لا شعور بالمسئولية . و تعتبر التدوين ( موضة ) إن صح التعبير .و هي تدون بلا ( استراتيجية ) واضحة أو خط فكري معين .و الواقع أن هذه الفئة هي نموذج لعناصر كثيرة في المجتمع ممن لا يتمتعون بخاصية معينة تجعلهم مميزين . فنجدهم يركبون كل مركب على أمل اللحاق بالأسطول الكبير الذي شق طريقه وسط الأمواج . لا أعتقد أن لهذه الفئة تأثيركبير على المسار التدويني و في نفس الوقت فهي لا تتأثر به بشكل يغير من نمط حياتها أو طريقة تفكيرها.
ختاما ، أتمنى أن يجد تحليلي هذا قبولا منكم و أكرر أني لا أقصد أحدا معينا في أي كلمة ذكرتها هنا .
و دمتم
سيدة التنبيب