بعد أن سجلت البلاد رابع حالة وفاة بسبب انفلونزا الخنازير , التي تعرف طبيا ب H1N1 ، و تزايد المطالبات لوزير الصحة بالاستقالة
و تأجيل العام الدراسي، هل لي أن أتحدث قليلا حول الوضع بشكل عام من خلال خبرتي الطبية المحدودة و نظرا لأني شهدت إحدى حالات الوفاة و كنت من ضمن الفريق الطبي المعالج لها .
إن وباء H1N1 هو وباء عالمي يجتاح حاليا أكثر من سبعين دولة .. و تتفاوت نسب الإصابات و الوفيات من جرائه بين الدول الموبوءة بشكل عام . و بالنسبة لتسببه بالوفاة .. فذلك يكون عندما يصاب المريض بالتهاب رئوي و ليس الانفلونزا العادية . و من المعروف أن أي التهاب رئوي يمكن أن يتسبب بوفاة المريض . فلدينا في المستشفيات تقريبا حالة أو حالتي وفاة أسبوعيا بسبب الالتهاب الرئوي من أي بكتيريا أو فيروس. و لذلك تعتبر منظمة الصحة العالمية أن تسبب هذا المرض بالوفاة يكون مماثلا لأى انفلونزا . و جميع الحالات التي توفيت لدينا حتى الآن كانت تعاني من التهاب رئوي شديد و بقيت أكثر من أسبوعين على جهاز التنفس الصناعي و تلقت كافة أنواع العلاج التي من الممكن أن تساعد في منع الوفاة . و من المعروف أيضا أن هناك بعض الحالات المرضية التي تفاقم من الالتهاب الرئوي و ترفع احتمالية الوفاة لدى المريض .. مثل الحمل و الأمراض الخلقية الوراثية و السمنة إضافة إلى أمراض القلب و الرئة . و جميع الحالات التي توفيت في الكويت كانت تعاني من هذه الحالات المرضية إضافة إلى الالتهاب الرئوي من H1N1.
و بصفتي طبيبة شاركت بعلاج إحدى الحالات .. فإني أجزم أنه لم يكن هناك أي تقصير من جانب الهيئة الطبية ككل في علاج هذه الحالات .. و كنا على اتصال دائم مع المستشفيات التي ترقد فيها باقي الحالات لتبادل المعلومات و الخبرات حول هذه الحالات . بل إننا بدأنا العلاج بعقار التاميفلو قبل أن تظهر نتيجة التحليل المخبري ..و ذلك لتوقعنا الإصابة بهذا المرض بسبب طبيعته الشرسة حيث يكون الالتهاب الرئوي شديدا جدا منذ بدايته و ليس كأغلب أنواع الالتهابات التي ترتفع شدتها تدريجيا . لكن وجود الحالات المرضية التي ذكرتها هو ما ساعد على تفاقم الوضع و تسبب بشكل كبير في الوفاة. و مما يدل على ذلك هو تماثل إحدى الحالات الحرجة للشفاء حيث تم رفع جهاز التنفس من المريض الذي كان لا يعاني من أي حالة مرضية مصاحبة لالتهاب الرئوي و لله الحمد.
و بناءا على ما ذكرته .. فإني لا أرى أنه يتوجب على الوزير الاستقالة .. فالوباء عالمي و لكل دولة ظروفها الخاصة .. فلا يمكن مقارنة نسب الوفيات بين الدول و الحكم على أساسها .. فمشكلة الكويت هي وجود عدد هائل من جنسيات مختلفة .. مما يسبب زيادة تفشي المرض عن غيرها من الدول ..إذا ما صحت المقارنة . ثم إن المرض بدأ ينتشر قبل تولي الوزير لوزارته . فليس من العدل أن نتهمه بالتقصير .. فهو شخص عادي و لا يملك قدرات خارقة تمنع الوفيات .
و مسألة انتشار المرض .. تحكمها ممارسات الناس و ليس وزارة الصحة . فإحدى حالات الوفاة - رحمها الله - كانت حاملا و مع ذلك فقد سافرت إلى جمهورية مصر العربية .. و ظهرت عليها أعراض المرض بعد عودتها. رغم التحذير من السفر لكبار السن و الحوامل و غيرهم.
أما ما أرى أنه ضروري من قبل الحكومة .. هو مسألة تأجيل بدء العام الدراسي .فباعتقادي أن عودة الطلبة و المدرسين من الخارج .. ستحمل معها موجة أخرى من انتشار المرض .. مما قد يرفع نسبة الإصابات و الوفيات أيضا .
دمتم جميعا بصحة و عافية ..
سيدة التنبيب